أدت حروب الإبادة التي شنتها روسيا القيصرية وروسيا الشيوعية إلى خفض عدد المسلمين بدرجة كبيرة» (١).
إن التجربة الشيوعية المدمرة التي أعلن الأمناء على تطبيقها في التسعينات من هذا القرن كفرهم بها وقالوا إنها تجربة فاشلة بعد ٧٤ عاما من الظلم الذي أنزلوه بالشعوب ، ما تزال آثارها المدمرة حتى اليوم تعاني منها الشعوب التي ابتليت بها ، بعد إزهاق أرواح الملايين من البشر وتشريدهم والقضاء على تراثهم الغالي الذي بناه آباؤهم وأجدادهم ومنه تراث سمرقند العمراني الذي لم يبق منه إلّا القليل القليل شاهدا على عظمتها.
نشير أخيرا إلى وجود جالية عربية حوالي سمرقند ظلت حية حتى عصرنا الراهن ، وهم بالتأكيد أحفاد العرب الذين كانوا يقيمون في تلك البقاع منذ أيام الفتوحات وهيمنة الدولة الإسلامية وانتشار العلماء العرب وعوائلهم في تلك البقاع ، إلا أن الاستعمار الشيوعي عزّ عليه وجود هؤلاء الذين يتكلم أبناؤهم بلغة القرآن فاضطهدهم وأخمل ذكرهم. يقول مؤلفا كتاب المسلمون المنسيون في الاتحاد السوفييتي : «عام ١٩٥٩ ، أوردت الإحصائيات السوفييتية أن ٧٩٨٧ عربيا يستوطنون في الأساس وادي زرفشان الأسفل بين سمرقند وبحيرة قره كول. وهناك مجموعات منهم أقل أهمية تعيش في أوزبكستان الجنوبية في منطقتي كشكا دريا وسورخان دريا ، ويشكل غيرهم [أي عرب آخرون يعيشون جاليات في أماكن أخر] جاليات مدنية صغيرة تعيش في مدن بخارى وكرشي وقته ـ كورغان في أوزبكستان وفي لينين آباد وقولياب في طاجيكستان. وفي ١٩٥٩ كانت الجالية العربية في طريقها إلى الدمج السريع بالسكان المحليين. وقد امتزجت الأوزبكية والفارسية إلى حد كبير بلغتهم التي يتكلمون بها. وأخذوا يستخدمون الأوزبكية كلغة أدبية. يتكلم ٣٤% منهم بالعربية ، و٣٤% الطاجيكية ، و٢٨% الأوزبكية. وأخيرا لم يمثل العرب في قوائم القوميات التي أعدتها السلطات السوفييتية في إحصائياتها خلال عامي ١٩٧٠ و١٩٧٩» (٢).
__________________
(١) سمرقند ، تاريخها وحضارتها ، ٣٤.
(٢) المسلمون المنسيون ، ١٤٦.