الخمسين من عمره ، حسن القوام ، لطيف المظهر ، ولم يكن معه أكثر من ألفي حصان. أما الثلاثون ألفا الأخرى التي سمعنا بها ، فقد عبرت منذ بضعة أيام. وكان وراء الألفي حصان خمسون جملا تحمل نساءه. وكانت كجاواتهن (١) مغطاة بقماش قرمزي ، موشاة حاشيته بالحرير. وفي وسط هذه الجمال ستة يكتنفها الخصيان ، وكانت سجف الكجاوات من الحرير والفضة والذهب. وقد سمحوا لنا بالسير معهم ، دون أن يطلبوا منا التراجع كما هي العادة في الجهات الأخرى من تركيا ، عندما يكون في القافلة نساء. وقد حطوا الرحال على بعد ربع فرسخ منا حيث أردنا النزول لوجود بركتين أو ثلاث هناك ، فحرمونا من مائها. إن هذا الأمير العربي ، يمتلك عددا كبيرا من أجمل الخيول المطهمة وأجودها ، وعنده غيرها مما هو غير مسرج ولا ملجم ، ومع ذلك فالراكبون يستطيعون توجيهها بعصا قصيرة إلى حيث شاءوا ، وإيقافها وهي في أسرع عدوها بمسك أعرافها. وعنده بعض الجياد ذات الأثمان الغالية.
ومما يجدر التنويه به أن هذه الجياد لم يرها أحد منا. ولما كان الكروان باشي يعتقد أنه لا يستطيع التخلص من مثل هذا الأمير العظيم بلا مقابل ، فإنه وجد عند تجار القافلة سرجا غاليا مع لجامه وركابه ، وقد صنعت من الفضة وجملت بها ، وكنانة مطرزة مملوءة سهاما ، وترسا ، وتبلغ قيمة الجميع نحوا من ألف ومائة ، أو ألف ومائتي ليرة. ثم أضاف إليها الكروان باشي من عنده قطعة من النسيج القرمزي ، وأربع قطع من نسيج الذهب والفضة ، وست قطع من نسيج الفضة والحرير ، وجعل من جميعها هدية للأمير. غير أن الأمير رفضها برمتها ، وطلب استبدال «الطويلات» (٢) التي كانت معه ، بمائتي ألف قرش ، وهي لعمري مبادلة مجحفة بحق التجار ، فأثارت بينهم نزاعا شديدا. وبعد أخذ ورد ، ولإدراكنا أن بمقدور الأمير أن يعطل قافلتنا عن السير ويهلكنا جوعا ، أقدمنا على جمعها منا ، فجمعت ، ونال
__________________
(١) الكجاوة : لفظة فارسية ، يراد بها المحفة التي توضع على الجمال أو البغال ، ليحمل فيها النساء أو ضعاف الناس في الأسفار الطويلة.
(٢) انظر الملحق رقم ٣ بصدد الطويلة.