الفصل الرابع
(من الكتاب الثالث من الرحلة)
الطريق الآخر من حلب الى توريز [تبريز]
وهو المار بالجزيرة وغيرها من البلدان
من حلب إلى البيرة ، حيث عليك عبور الفرات : أربعة أيام
ومن البيرة إلى أورفا : يومان
ومن أورفا إلى ديار بكر : ستة أيام
ومن ديار بكر إلى الجزيرة : أربعة أيام
الجزيرة (١) بلدة صغيرة من بلدان ما بين النهرين ، تقوم على جزيرة في نهر دجلة ، يعبر إليها فوق جسر من القوارب ، ويقصدها التجار لشراء العفص والتبغ. ويسوس المدينة رجل بلقب «بك».
وبعد عبور دجلة ، ترى الأرض بين هذا النهر وتبريز سهولا ومرتفعات ، وتكسو المرتفعات أشجار البلوط التي تحمل العفص وقليلا من البلوط. أما السهول فمزروعة بالتبغ الذي ينقل إلى تركيا ، وله تجارة رائجة متسعة. وقد يتبادر إلى الذهن أن هذه البقعة فقيرة ، إذ لا تقع العين إلا على العفص والتبغ ، لكن الواقع ان ليس في العالم أرض أخرى يتداول فيها بالذهب والفضة بأكثر مما هنا ، إذ إن أهلها يعنون حين تسلمهم النقود ، بأن تكون كاملة الوزن ، جيدة
__________________
(١) يريد بها «جزيرة ابن عمر» التي وصفها ياقوت الحموي (معجم البلدان ٢ : ٧٩) بقوله إنها «بلدة فوق الموصل ، بينهما ثلاثة أيام ، ولها رستاق مخصب واسع الخيرات. وأحسب أن أول من عمرها الحسن بن عمر بن خطاب التغلبي .... وهذه الجزيرة يحيط بها دجلة الا من ناحية واحدة شبه الهلال ، ثم عمل هناك خندق أجري فيه الماء ونصبت عليه رحى ، فأحاط بها الماء من جميع جوانبها بهذا الخندق ...»