معنى هذه المنحوتات. وفي حضيض الجبل نهر جار عليه قنطرة من الحجر.
وعلى مسيرة يوم فيما وراء الجبل ، بلدة صغيرة ذات موقع جميل. إن الجداول التي تسقي هذه البلدة ، والفواكه الشهية التي تنمو في بساتينها ، والخمرة الفاخرة التي تصنع فيها ، كل ذلك يجعلها من أطيب البقاع. ويعتقد الفرس أن الإسكندر لما رجع من بابل مات فيها ، بالرغم من أن هناك من كتب أن الإسكندر مات في بابل (١). اما بقية الأراضي التي بين هذه المدينة وبغداد ، فمغطاة بالنخيل ، ويقيم الأهلون في خصاص صغيرة مصنوعة من سعف النخيل وجذوعه.
ومن بغداد إلى عانة أربعة أيام على الظهر ، والمسافة بينهما أرض صحراوية ، على كونها بين نهرين.
وعانة ، بلدة لا بالكبيرة ولا بالصغيرة ، يسوسها أمير عربي. وإلى ما يقرب من نصف فرسخ حوالي البلدة ، ترى الأرض مزروعة ، زاخرة بالبساتين والبيوت الريفية. والمدينة في موقعها تشبه باريس ، لأنها مبنية على جانبي نهر الفرات ، وفي وسط النهر جزيرة يقوم فيها مسجد بديع (٢).
ومن عانة إلى مشهد رحبة (٣) (Mached ـ Raba) خمسة أيام ركوبا. ومن مشهد رحبة إلى الطيبة (٤) (Taiba) خمسة أيام أخرى.
ومشهد رحبة ، حصن على مقربة من الفرات ، يقوم فوق تل في أسفله عين ماء كأنها وعاء كبير ، ومثل هذه العيون مما يندر وجوده في البوادي.
__________________
(١) في المراجع التاريخية الموثوق بصحتها ، أن الإسكندر الكبير ، مات في بابل ، في ٢١ نيسان سنة ٣٢٣ ق. م ، وكان له من العمر ٣٢ سنة ، قضى منها في الحكم ١٢ سنة و ٨ أشهر.
(٢) انظر الملحق رقم (٢٧).
(٣) انظر الملحق رقم (٢٨).
(٤) قال الرحالة فيليب الكرملي ، الذي زار الشرق في سنة ١٦٢٩ م في رحلته المطبوعة سنة ١٦٧١ م إنه بعد مرحلتين من الطيبة (Theibas) وصل إلى الرحبة الواقعة على تل لا يبعد كثيرا عن الفرات وبعد مسيرة أخرى وجد جزائر صغيرة قرب بلدة عانة.