أكثر من ثلاثين مرة غرة [ظ] وعشاء ، وخرّج على المشايخ الفوائد والأمالي ، وكان بالغا في الحفظ وتصنيف الأبواب.
وروى الكثير من تفاريق الغرائب والأحاديث التي حصّلها وجمعها.
وكان سلس الخلق ينفق ما يبدو له من الارزاق [ظ] على الطلبة ، ويعينهم على التحصيل ويحثهم على الطاع (١) ، ونصب للقعود في المدرسة النظامية وأقام رسم التحديث فيها ، فكان يحضرها كل يوم من وقت الظهر الى وقت العصر ، وفي حضوره فوائد ونشر للحديث.
وصنف كتابا سماه بحر الاسانيد ، بلغ كما سمعت ثماني مئة جزء بخطه المقرمط ، أتى فيها بطرف الاحاديث على اختلافها وتبين وجوهها ورواياتها ، وهي الآن في خزانة الكتب مع [ظ] ساير أجزائه.
وكانت حجرته التي يسكنها مملوة بالأجزاء وهو قاعد وسطها لا يكبسها [كذا] لا يحمل ثياب الشتاء في الصيف ولا ثياب الصيف في الشتاء ، فيلبد البعض على بعض ولا يراعي شيئا من التكلف في المعيشة ، على ذلك زجى عمره الى آخر الأمر.
حدّث عن أبي حفص [ابن مسرور ، و] الكنجروذي (٢) ، والشيخ أبي الحسين عبد الغافر ، وشيخ الاسلام الصابوني ، والأستاذ أبي عبد الرحمان السلمي ، والشاذياخي ، وقاضي الحرمين ، والصاعدية ، والمشايخ البحيرية ، والطبقة من المعروفين وأصحاب الروايا [ت].
وكان يحضر مجلس إملاء زين الاسلام أبي القاسم ، وكنا عهدناه فيه والامام يطالعه بالأحاديث قبل الاملاء.
وسمع منه الخلق الكثير من البلديين والغرباء ، وروى لنا كتاب بحر الفوائد للكلاباذي عن ابن حبناج! عنه ، وسمعنا منه التفاريق.
ومضى الى رحمة الله تعالى ضحوة يوم الثلاثاء التاسع من ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وأربع مئة ، وصلّينا عليه في الجامع المنيعي ، ودفن في مقبرة الحسين ، وذكر أن مولده سنة تسع وأربع مئة.
ولما توفي [٧ ب] ذكر فيه المعارف المراثي وتوجّعوا له ، وعرفوا حقّ فضله بعد فقده ، فقد كان
__________________
(١) كذا ، ولعل الصواب : السماع.
(٢) وفي النسخة : أبي جعفر الكنجروذي وهو غلط والصواب ما اثبتناه كما هو في م وتذكرة الحفاظ.