ـ ٢٠٠٧ ـ (١)
[أبو المعالي الجويني]
ومنهم عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني أبو المعالي [٥٦ ب] ابن ركن الإسلام أبي محمد الجويني ، [إمام الحرمين فخر الإسلام] إمام الأئمة [على الاطلاق] ، حبر الشريعة ، المجمع على إمامته شرقا وغربا ، المقرّ بفضله السراة والحداة عجما وعربا [من لم تر العيون مثله قبله ولا ترى بعده] ، ربّاه [حجر الإمامة] وأرضعه ثدي العلم والورع إلى أن ترعرع فيه [ويفع].
ثم أخذ من العربية وما يتعلق بها أوفر حظ ونصيب فزاد فيها على كلّ أديب ، ورزق من التوسع في العبارة وعلوّها ما لم نعهده من غيره حتى أنسى ذكر سحبان وفاق فيها الأقران (٢).
وقرأ القرآن وتفقّه في صباه على والده إمام الحرمين [ركن الإسلام] فكان يزهي بطبعه وتحصيله وجودة قريحته وكياسة [غريزته لما يرى فيه من المخايل] فخلفه فيه من بعد وفاته وأتى على جميع مصنّفاته ف [قلبها ظهرا لبطن و] تصرّف فيها وجمع المسايل ودر [س] سنين.
ولم يرض في شبابه بتقليد والده وأصحابه حتّى أخذ في التحقيق وجدّ واجتهد في المذهب والخلاف [ومجالس النظر] حتى ظهرت نجابته [ولاح على أيامه همة أبيه وفراسته] وسلك طريق المباحثة [وجمع الطرق بالمطالعة] والمناظرة والمناقشة حتى أربى على المتقدّمين وأنسى تصرّفات الأولين وسعى في دين الله سعيا يبقى أثره إلى يوم الدين.
ومن ابتداء أمره أنه لما توفي أبوه كان سنّه دون العشرين ، فأقعد مكانه للتدريس فكان يقيم الرسم [في درسه] ويقوم [منه] ويخرج إلى مدرسة البيهقي حتى حصّل على الفقيه الاستاذ الإمام
__________________
(١) الجويني : دمية القصر ٣٦٥ ، منتخب السياق ١٠٩٣ ، الأنساب واللباب : الجويني ، العبر ٣ / ٢٩١ ، المنتظم ٩ / ١٨ ، تبيين كذب المفتري ٢٨٧ ، طبقات السبكي ٤٧٥ ، الوفيات ٣٧٨ ، طبقات ابن هداية الله ٦١ ، العقد الثمين ٥ / ٥٠٧.
(٢) وبعده في الطبقات نقلا عن هذا الكتاب : وحمل القرآن فأعجز الفصحاء اللد وجاوز الوصف والحد ، وكل من سمع خبره ، ورأى أثره فاذا شاهد أقربأن خبره يزيد كثيرا على الخبر ، ويبز على ما عهد من الأثر ، وكان يذكر دروسا يقع كل واحد منها في أطباق وأوراق لا يتلعثم في كلمة ولا يحتاج إلى استدراك غيره مراقبة ، كالبرق الخاطف بصوت مطابق كالرعد القاصف ، يعترف له المبرزون ولا يدرك شأوه المتشدقون المتعمقون ، وما يوجد منه في كتبه من العبارات البالغة كنه الفصاحة غيض من فيض ما كان على لسانه وغرفة من أمواج ما كان يعهد من بيانه ، تفقه في صباه ...