صنّف في العلوم ، وأربى على أقرانه في الفنون ، ودرّس في سبعة عشر نوعا من العلوم. وكان قد درس على الاستاذ الإمام أبي إسحاق الاسفرايني وأقعد بعده للاملاء [٦٣ ب] فأملى سنين واختلفت إليه الأئمة فقرأوا عليه مثل الإمام ناصر المروزي وزين الإسلام القشيري وغيرهما وتلمذوا له واستفادوا منه.
حدّث عن الإمام أبي بكر الاسماعيلي ، وأبي أحمد بن عدي ، وأبي عمرو ابن نجيد ، وأبي عمرو ابن مطر ، وأبي الحسن السرّاج وطبقتهم ، وكان كثير الحديث كثير الشيوخ.
خرج من نيسابور في أيّام التركمان وفتنتهم إلى أسفراين فمات بها سنة تسع وعشرين (١) وأربع مئة ودفن بجنب الأستاذ أبي اسحاق.
ـ ٢٠٣٦ ـ (٢)
[أبو محمّد ابن الهيصم]
ومنهم عبد السلام بن محمد بن الهيصم الاستاذ الإمام البارع أبو محمد من كبار الأئمة من أصحاب أبي عبد الله [محمد بن كرام] ، رجل نسيب من بيت الإمامة جليل القدر ، بالغ في الفضل ، من مشاهير أصحابهم ، أخذ الطريقة والعلوم عن أبيه ، وتخرّج في الفنون ، وخلفه في التدريس والتصنيف والإمامة.
خرج إلى العراق والحجاز وحجّ وزار (٣) المشاهد ، ولقي الأئمة والمشايخ ، وسمع الأحاديث وأدرك الأسانيد ، وناظر بالري صاحب المغني القاضي عبد الجبّار الهمذاني ، وأهل المذهب ، وكان محترما مبجّلا بينهم ، مرضي الكلام.
وقرأت في كتاب اليمينى لأبي النضر العتبي : أنه دخل مع الأئمة والكبار على أمير المؤمنين القادر بالله ، في ربيع الأول سنة خمس وتسعين وثلاث مئة ، وكان المجلس غاصّا بمشايخ بغداد ورؤسائها وأعيانها والكبار من غرباء الحجيج ورؤسائهم فأشير عليه بذكر فصل فقال :
الحمد لله ذي العزّة القاهرة ، والحجّة الباهرة ، والنعم المتظاهرة ، الذي عمّ إحسانه ودام سلطانه ولطف شأنه فلا رادّ لقضائه ولا مانع لعطائه ولا معقب لحكمه. بعث محمّدا صلىاللهعليهوسلم من
__________________
(١) ن : سبع عشرة.
(٢) منتخب السياق ١١٩٤.
(٣) ن : ورأى.