خير أرومة العرب مولدا ، وأفضل جراثيمها محتدا ، وأطولها نجادا ، وأرسخها في المكرمات أوتادا.
فأيّده بأحسن التأييد ، وأكّد أمره بأفضل التأكيد ، حتّى استقلّ به الدين ناهضا ، وانخذل الاشراك داحضا ، وظهر أمر الله والمشركون كارهون ، صلّى الله عليه وعلى آله عدد الرمل والحصى وما طلعت شمس الضحى ، ثمّ قيّض الله من بعده الخلفاء الراشدين لتمهيد الدين وتوهين كيد الملحدين ، فبسطوا للإسلام بساطه ، وأنهجوا لأهل الآفاق صراطه ، إلى أن تأدّى الأمر إلى ذويه من آل؟
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبني صنو أبيه ، صادعين بأمر الله ، معظّمين حرمات الله هلمّ جرّا ، إلى أن تاكدت بيعة الخلافة بأمير المؤمنين القادر بأمر الله ، فبهر نوره العالمين ، وشفا ذكره صدور المخلصين ، بعد التواء عليه من بعض ذوي العناد ، وانزو [ى] عنه من قصد الفساد ، ولكن الله سبحانه أبى إلّا نصرة الحقّ وإدالته وقمع الباطل وإزالته ولو كره المشركون.
ولقد حدّثني محمد بن الفضل الحلواني [قال حدثنى الصولى] عن المبرّد أبي العباس حدّثه [عن] أبي سعيد الخطيب [أنه] لما بايع الفضل بن مروان المعتصم قام في القائمين فقال :
بايعت منبسطا ولو لم تنبسط |
|
كفّي لبيعته قطعت بنانها (١) |
من ذا إليه لا يمدّ يمينه |
|
قطع الإله يمينه فأبانها |
ولوالدي في سابق خدمة أمير المؤمنين ما يقارب هذا ويشاكله وذلك أنّه أظهر بيعته لوارد كتابه على طاهر بن درست نام حيث التوى فيه من التوى ببلخ فقال :
سبقت يميني حيث بيعة قادر |
|
بالله لما بايعته يد القدر |
ماضر بيعته التواء من التوى |
|
والله يكرمها بمكنون الزبر |
ولقد أراه أحق من وطأ الحصا |
|
لوراثة الشم البهاليل الغرر |
ولأخلعنّ القلب منّي إن أبى |
|
ولأقلعن العين إن زاغ البصر |
وها أنا قد أسعدني الله بتوفيقه ، وبلغني من أقصى خراسان إلى أن وطأت بساط أمير المؤمنين نايبا في الخدمة مناب أبي ، شاكرا لما أنعم الله تعالى عليه عند ولي أمير المؤمنين محمود ابن سبكتكين فانه في رسمه كاسمه ، وأن أسأل الله أن يديم سلامة أمير المؤمنين [٦٤ ب] وأن يبلغه أمله في الأمير أبي الفضل ولي عهده الغالب بأمر الله ، ويجعل عاقبة أمره مع آبائه الطاهرين.
فلما فرغ منها ارتضاها أمير المؤمنين ، وأمر بنسخها لتخلد في الخزانة ، وأمر بانصرافه إلى
__________________
(١) فى الاصل يمينها. ما أوردت اخذت من اليميني للعبتي.