وكان حميد السيرة ، صائنا عفيفا في نفسه ، مؤثرا للانزواء وقلّة الاختلاط على سيرة السلف والعلماء.
عقد الإملاء لنفسه في مسجد عقيل ، وكان يعقد مجلسا (١) معه ويفسّر الأحاديث على وجه مقبول مفيد بقي على ذلك إلى أن توفي كهلا ـ وما طعن بعد في السن ـ في شوال الخامس والعشرين منه سنة خمس مئة ودفن في مقبرة الحسين بجنب والده.
وممّا روى عنه شيخ الاسلام جدّي (٢) بعد حذف الأسانيد قال : كان يقال : لقاء الأحبة مخلاة للهم [ظ]. وأنشدنا :
وما بقيت من اللذات إلّا |
|
محادثة الرجال ذوي العقول |
وقد كنّا نعدّهم قليلا |
|
فقد صاروا أقل من القليل |
ـ ١٧٥٨ (٣) ـ
[أبو عبد الله الحسني]
ومنهم الحسين بن علي بن داعي الحسني السيد أبو عبد الله النسابة رجل فاضل معروف عالم.
سمع الحديث بإفادة أبيه السيد أبي الحسن العلوي الزاهد من مشايخ عصره كأبي حفص ابن مسرور ، والكنجروذي ، وشيخ الاسلام [الصابوني] ، والصاعدية ، والبحيرية ، وأبي الحسين عبد الغافر ، وأبي مسعود البجلي. وسمع منه بعض ذلك.
وكان يدّعي المهارة في علم النسب ، ومعرفة رسومها ودقايقها. وزعم أنه سافر ليعلم ذلك ، وكان يراجع فيه ويصنف شيئا منه.
وبقي على ذلك محمود السيرة إلى أن مرض يومين وتوفي يوم الأربعاء الحادي عشر من المحرم سنة ثلاث عشرة وخمس مئة ، وحمل إلى باب الطاق وصلى عليه السيد أبو الغنائم حمزة [بن هبة الله] وحمل إلى مقبرة الحيرة.
وختم به كثيرا من أجزاء الحديث ، فقد كان من المكثرين ، وسمع صحيح مسلم وسائر الأجزاء.
__________________
(١) ولعل الصواب : مجلسنا.
(٢) كذا ، ولعل الصحيح : عن شيخ الاسلام جدّه.
(٣) مختصر السياق ٧٦ ، التحبير ١٤٢ وستأتي ترجمة أبيه.