ـ ١٧٥٩ (١) ـ
[أبو علي البيهقي]
ومنهم الحسين بن محمد بن الحسين (٢) الفوراني أبو علي الامام البيهقي. ركن من أركان أصحاب الشافعي بناحية بيهق ، مدرّسهم ومفتيهم ومذكّرهم ، والمرجوع إليه في مهمّات الامور دينا ودنيا فيهم.
دخل نيسابور وأقام بها مدّة لغزو ربوعها! في التحصيل والتفقه والتعلّم وسماع الأحاديث من الطبقة الثانية [١٢ ب] حتى حصل من العلم والحديث جملة.
ثم عاد إلى الناحية ولزم الامام أبا حامد أحمد بن علي البيهقي الفقيه وعلق عنه تعليقا معتمدا عليه وتخرّج به.
وكان في جميع الأحوال متنسكا مجتهدا بالغا في العفاف والسداد ، معرضا عن إقامة الرسوم وطلب الارفاق من أرباب السلطان ، غير ميّال بأصحاب الدنيا ، محتسبا [ظ] بالغلظة والخشونة معهم والانكار عليهم ، على سيرة العلماء العاملين ، قائما بحقوق أهل الصلاح والواردين عليه ، موسعا على النازلين جنابه ما ينفقه في داره ، غير سالك طريق التكلف ، واثقا بجميل صنع الله تعالى فيما يهمّه من الأمور ، ذابّا بما يمكنه عن السنة والجماعة ، معينا لأهل الدين ، متعصبا في المذهب ، مقبول القول على المخالف والمؤالف ، محمود السيرة والطريقة بكلّ لسان.
عهدته بنيسابور يحضر مجالس الحديث ، وكنت أسمع إذ عاد الى الناحية بحسن الطريقة والسيرة ونظافة أحواله ، حتى صرت إلى الناحية في بعض الأوقات فعاينت ما كنت أسمعه ، فكان الخبر يزيد على الخبر ، ورؤية المعيدي خير من السماع به وفوقه.
وكان أثره في نصرة الدين وبناء المدرسة المعمورة وتمهيد الطريق التي أشرت اليها وتحصيل الكتب النفيسة والاشتغال بمطالعتها وبثّ ما فيها ظاهرا.
وكانت أحواله مغبوطة أولا وآخرا.
وقد عقد لنفسه مجلس الاملاء فرأيت منها مجالس رتّبها ترتيبا حسنا وجرى فيها على السداد وحسن الايراد.
__________________
(١) منتخب السياق ٦٢٣ ، طبقات السبكي الكبرى ٣٩٤ نقلا عن منتخب السياق ، تاريخ بيهق ص ٢٣٥ ، توفي سنة ٥١٩.
(٢) وفي منتخب السياق وتاريخ بيهق : الحسن.