ولما سمع ما كان (١) يحتاج إليه من العلوم ، وزاد عليه حالا ومقالا ، خرج إلى الحج ، واشتهر ذكره بالري والحجاز [ظ].
وعاد إلى خراسان وأتى عليه زمان وكان الكبار في وقته من [ظ] الرؤوس والرؤساء والأمراء يتبركون ويحضرون مجلسه ويستطيبون أنفاسه ويستملحون كلامه ، وكان يقعد أيام الجمع بالغدوات في مسجد أبي بكر المطرز بعد ابن شاذان ويعقد المجلس ، وكذلك في بعض الخانات كما كان في الرسم القديم.
ثم بنى المدرسة المعروفة به في سنة اثنتين وسبعين (٢) على ما عهدناه أولا من عمارته وما أنفق فيها شيئا إلا من الحلال الذي كان يجمعه من أهل الصلاح والمريدين ووقف [ظ] الفقراء الصالحين.
وولدت له البنت المباركة من بنت الصلاح والعفاف المعروف! ببنت أبي الحسن بن قطران.
وكان محتاطا في معيشته من ال .. الصالحين ... و... من تلك ... من الذكور ، فكان [٢ أ] البيت معتدا بها ، معنيا بشأنها ، حتى نشأت عديمة النظير في وقتها ، سمّعها الحديث ، وتجشم المشايخ في وقته إلى المدرسة تقرّبا إلى الأستاذ لإسماعها ، وسيأتي ذكرها فيما بعد.
وشاع ذكر الأستاذ في الآفاق وكان بمرو عند اختلافه إليها يعقد المجلس ، ولكلامه بها صولة وقبول ، وكان الغالب عليه صدق الحال وغلبة الوقت ، ومن المعروف أنه كان أكثر الأحوال كالغائب عمّا يجري من أمور العادات ، وقد تأتي عليه أيام وتجد [د] أمور وما كان له منها خبر ، لغلبة الحال عليه.
ثم من لطيف حكاياته : أنّه لمّا كان بنسا وأراد أن يخرج إلى الحج صحبه بعض من خدمه من الصوفية و.. مجلسه ، وخرج معه تاركا لبلده وأهل عشرته مختصّا بخدمته إلى أن دخلوا البادية وكان الرجل طول الطريق يخدمه ، فاتفق أنّه أضاع ـ قمه في البادية فوجد هذا الرجل الّذي خرج معه وردها إليه فلمّا نظر الأستاذ إليه دعا له وقال له : من أنت؟ كأنّي لقيتك مرّة!! فصاح الرجل وقال : الغياث منك خدمتك في البلدة مرّة وخرجت معك وتركت الأهل والأقارب والبلد
__________________
(١) كذا في السبكي وخط الأصل غير واضح لكنه لا يتطابق مع المثبت.
(٢) كذا وتقدم في ترجمة ابنته فاطمة بأنه بناها سنة إحدى وتسعين فالظاهر أن (سبعين) تصحيف عن (تسعين) و (سنة إحدى) لابتداء البناء و (اثنتين) لانتهائه.