وكان مولده ثامن عشر المحرم سنة تسع عشرة وأربعمائة ، وتوفى وهو ابن تسع وخمسين سنة. سمع الحديث الكثير فى صباه من مشايخ ، مثل الشيخ أبى حسّان ، وأبى سعد بن عليّك ، وأبى سعد النّضروىّ ، ومنصور بن رامش ، وجمع له كتاب الأربعين فسمعناه منه بقراءتى عليه.
وقد سمع سنن الدار قطنىّ من أبى سعد بن عليّك ، وكان يعتمد تلك الأحاديث فى مسائل الخلاف ، ويذكر الجرح والتعديل منها فى الرّواة.
وظنّى أن آثار جدّه واجتهاده فى دين الله يدوم إلى يوم الساعة ، وإن انقطع نسله من جهة الذكور ظاهرا فنشر علمه يقوم مقام كلّ نسب ، ويغنيه عن كل نشب مكتسب ، والله تعالى يسقى فى كل لحظة جديدة تلك الروضة الشريفة عزالى رحمته ، ويزيد فى ألطافه وكرامته بفضله ومنّته ، إنه ولىّ كل خير.
ومما قيل عند وفاته :
قلوب العالمين على المقالى |
|
وأيّام الورى شبه الليّالى |
أيثمر غصن أهل الفضل يوما |
|
وقد مات الإمام أبو المعالى |
انتهى كلام عبد الغافر (طبقات الشافعية الكبرى ، ج ٥ ، ص ١٧٤ ـ ١٨٢).
[ابو حامد الغزالى]
قال أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الخطيب الفارسىّ ، خطيب نيسابور : محمد ابن محمد بن محمد أبو حامد الغزّالىّ ، حجّة الإسلام والمسلمين ، إمام أئمة الدين ، [من] لم تر العيون مثله ، لسانا ، وبيانا ، ونطقا ، وخاطرا ، وذكاء ، وطبعا.
شدا طرفا فى صباه ، بطوس ، من الفقه ، على الإمام أحمد الرّاذ كانىّ.
ثم قدم نيسابور مختلفا إلى درس إمام الحرمين ، فى طائفة من الشبان من طوس. وجدّ ، واجتهد ، حتى تخرّج عن مدة قريبة ، وبذّ الأقران.
وحمل القرآن ، وصار أنظر أهل زمانه ، وواحد أقرانه ، فى أيام إمام الحرمين. وكان الطلبة يستفيدون منه ، ويدرّس لهم ، ويرشدهم ، ويجتهد فى نفسه.
وبلغ الأمر به إلى أن أخذ فى التصنيف.
وكان الإمام مع علوّ درجته ، وسموّ عبارته ، وسرعة جريه فى النطق والكلام ، لا يصفى نظره