موافقته فيه ، وكان يشار عليه بالتخفيف على نفسه والترفيه في بعض الاحايين [ظ] فما يزداد إلا اجتهادا على اجتهاد وعبادة على عبادة إلى آخر عمره.
وما كان أحد يجسر في زمانه من العمال والمتصرفين على الظلم أو الحيف ، فإنه كان يردعهم ويزجرهم ويكشحهم [ظ] ولا يغضي معهم على شيء منه لنفاذ قوله وحرمة حشمته عند السلطان والوزير والأركان.
ولو تتبع [ظ] المتتبع ما ظهر من مزاياه (١) وإحسانه لعجز عن وصفه ولو لم يسع في شيء الا سعيه في بناء عمارة الرباط القصر الرح [كذا] الذي هو أول مرحلة من طريق خراسان على سبعة فراسخ من نيسابور [ظ] لكفاه ذلك حسنة وخيرا يعمّ نفعه المسلمين عامة فلا يتأتى مثل ذلك إلّا من موفق من جهة الله تعالى ، ثم ما فيه من الجامع والحوض ، وما أنفق من الارفاق على تعهدها وعمارتها إلى غير ذلك من سائر العمارة التي اتفقت له في البلدان وكل ذلك مما يبقى له إلى القيامة أثره.
ولقد شاع في الآفاق من البلدان خيره.
ولقد حملني الامام زين الاسلام جدّي إلى مجلسه فنلت [ظ] بين يديه فضلا ودعاء ، وقرأ الأئمة الاجزاء عليه كتاب [كذا] بحر الفوائد في نوب فسمعناه منه سمع نزول اسناده فيه تبركا بروايته وتوسلا إليه بقراءته ، فكان يصغي إلى القراءة على سبيبل الاحترام ، وينظر إلى الموسومين بالصلاح معظما لهم ، متبركا بهم ، معرضا عن أهل الدنيا.
وكان من المتبركين المغالين في صحبة الامام زين الاسلام أبي القاسم ، والمؤيدين له ولحضور مجلسه والتبرك بأنفاسه والاستضاءة برأيه ، حتى رأيته يوما في عهد الصبا خرج من مجلسه في المدرسة النظامية وقد طاب وقته فيه ، فحين ركب الامام دابته سار الرئيس بين يديه وأخذ الغاشية عن الركابي وحملها ، فلمّا أحسّ الامام به نزل وألحّ عليه فما دفع الغاشية إلى الركابي ما لم يجاور الامام راكبا حدّ المسجد ، فنزل ثانيا وبالغ في صرفه عنه إلى المسجد. هكذا كانت حرمته واحترامه للمشايخ والأئمة من الأصحاب.
ثم سلّم الخطابة إلى إمام الحرمين فخر الاسلام أبي المعالي [الجويني] فقام بها أحسن قيام ،
__________________
(١) وفي النسخة : من طهر من اباره.