Talmis القديمه ، وتدل تلال الأنقاض القائمة على البر الشرقى على آثار المدينة القديمة المواجهة لهاContra ـ Talmis ، ولا بد أن تلميس هذه قد أثرت من التجارة لا من الزراعة ؛ فالوادى بقربها لا يتجاوز عرضه الأربعين ياردة ، ولعل تجارة البلح كانت فى القدم ـ كما هى اليوم ـ مورد رزق هام يعتمد عليه النوبيون الساكنون وادى النيل من حلفا إلى فيلة. كذلك كان من اليسير جنى أرباح طائلة من مرور السفن المحملة بالبضائع من مروى ، ولعل أصحاب هذه البضائع كانوا يفرغونها فى سكوت ويحملونها على ظهور الإبل فى بطن الحجر ، على أن الراجح أن الجانب الأكبر من البضائع التى كانت تحمل من هذه المدينة القديمة إلى مصر كان ينقل برا بالطريق الذى تسلكه اليوم قوافل سنار. ولو أنه كان ينقل بالنيل لوجدنا فى ظنى بقايا مدن تجارية عند طرفى بطن الحجر لتفريغ البضائع وشحنها ثانية ، وذلك لاستحالة الملاحة فى هذا الإقليم الوعر. وإذا ذكرنا الجنادل التى تعترض النهر فى بلاد الشايقية ، وفى جنوبى دنقلة ، وفى كوكا والمحس ، وفى وادى دال وبطن الحجر ، وذكرنا أن المسافة من القوز إلى الدر ، بطريق دنقلة سيرا مع النهر يستغرق قطعها خمسة وعشرين يوما فى حين لا يستغرق الطريق الذى تسلكه قوافل العبيد عبر الجبل سوى ثمانية أيام ، لظهر لنا أن القوافل القادمة من الجنوب كانت على الأرجح تهبط وادى النيل تجاه أبو سمبل ، حيث يمكن استئناف الملاحة فى النيل شمالا (١).
وقفنا بعد بيت الوالى بقليل لنقضى الليل فى قرية تابعة لكلابشه ، تجاه جزيرة دارموت ، واسمها خرطوم ، بعد أن ركبنا فى يومنا ست ساعات ونصف. وأمطرت السماء وابلا فى الليل ، فأصابنى أنا ودليلى برد شديد ، واشتد علينا قيظ النهار بعد أن كان الجو معتدلا جدا فى رحلتى صوب الجنوب ، وأثرت فينا تلك الطفرة التى أحدثها هطول المطر فى الجو ، فنقلتنا فجأة من وقدة الصيف إلى زمهرير الشتاء.
__________________
(*) النقل البرى رخيص رخص النقل البحرى فى البلاد التى تكثر فيها تربية الإبل. فنقل حمل من البضائع وزنه من ستمائة رطل انجليزى إلى سبعمائة ، من بغداد إلى حلب ـ وهى مسافة تبلغ ستمائة ميل ـ يكلف أربعة جنيهات إنجليزية. فكم يكلف شحن سبعة قناطير بحرا ، من لندن إلى هل؟