يأخذون معهم إبلا احتياطية من مصر كما جرت عادة القوافل الأخرى ، فإذا أعيت بعض الإبل وخارت قواها وزعت أثقالها على غيرها لقاء أجر عادل ، ولا يستطيع رجل فى القافلة أن يرفض تحميل جمله بحصة من هذه الأثقال ما دامت الضرورة تدعو إلى هذا الإجراء وما دام جمله يطيق هذا الحمل الجديد. ثم استأنفنا السير بعد الغروب ، وقضينا ثلاث ساعات أخر نضرب فى الوديان حتى جئنا جبالا واطئة تدعى أم حريذل فحططنا عندها.
٨ مارس ـ وجبال أم حريذل من الجرانيت الأشهب الداكن ، وبعد أن جزناها اخترقنا سهلا رمليا عميقا لا أثر فيه لعشب أو شجر ، وكنا نتجه إلى الجنوب الشرقى ، ورأينا أشلاء الجمال وعظامها مبعثرة على الطريق ، ذلك أنه قلّ أن تقوم قافلة بهذه الرحلة دون أن تلقى بعض جمالها حتفها فى الطريق ، وعلى الأخص فى المناطق المحجرة التى يشق فيها السير ، أو على مقربة من الآبار حيث تهرع الجمال المنهوكة القوى إلى الماء تعبّ منه عبا يضعف من قدرتها على مقاومة التعب واحتمال أثقالها. ومررنا فى الطريق بكثير من التلال الجرانيتية الصغيرة المنعزلة ، ورأينا كثيرا من الكتل الجرانيتية القائمة وسط الرمال. وحططنا قرب الظهيرة عند مدخل سلسلة من الجبال تمتد من الجنوب الشرقى إلى الشمال الغربى ، واسمها جبل هزربة. وقد درجت القوافل على الراحة فى ساعات الظهر لتناول الغذاء وللقيلولة ساعتين ، فإذا كانت القافلة عائدة من السودان ، وكانت الإبل فيها موفورة وكل مسافر فيها راكبا ، فإنها تطيل المراحل وتسرع السير. أما فى حالتنا هذه فقد كان ثلثا القوم راجلين. واستأنفنا المسير حوالى الساعة الثانية ، ثم وقفنا قبيل الغروب. وفى عصر هذا اليوم جزنا هزربة وسرنا فى نفس الاتجاه حتى أدركنا صخورا تدعى بيبان وبذلك أكملنا مسيرة تسع ساعات لم يقع بصرى فيها على عشب أو شجر. والصخور التى حططنا إلى جوارها جرانيتية اختلطت بها كتل كبيرة من الفلسپار.
٩ مارس ـ اضطرتنا حاجتنا إلى المياه للرحيل بعد منتصف الليل بقليل ،