يحتك العبابدة إلا بالشماليين من البشاريين. ولم نجد بوادى حيمور من الأسر البشارية إلا القليل ، ومررنا بالسهل مرور الكرام لأننا كنا ملأنا قربنا من ماء النقيب وهى أعذب بالقياس إلى ماء حيمور. ويبدأ بعد وادى حيمور إقليم صخرى وعر لقيت الإبل فى اجتيازه كل مشقة. فصعدنا فى صخور الجرانيت والحجر الرملى زهاء الساعة ، ثم هبطنا إلى السهل ثانية بعد أن سرنا فى يومنا خمس ساعات ونصفا ، وكان اتجاه سيرنا جنوبا بشرق. وتدعى الجبال التى عبرناها عقبة حيمور ، ويراها المسافر مشرفة من بعيد ، والسهل الواقع خلف العقبة سهل رملى يتخلله الكثير من الصخور الجرانيتية المنعزلة. ولم أتبين فى صخوره طبقات منتظمة ؛ فقد كانت الصخور مهشمة مدببة الأطراف تحمل طابع هزة عنيفة انتابت الأرض فى هذا المكان. وبعد ساعة دخلنا واديا طيبا يدعى وادى نحدير أو غدبر (ويشق على التحقق من اسمه الصحيح لأن خطى فى اليومية غير واضح). والوادى حافل بأشجار السنط ، وكنا نأمل أن نعثر فيه على ماء متخلف من الأمطار التى يحتفظ بها خزان كبير صنعته يد الطبيعة هنا ، ولكنا وجدنا الماء قد نضب ، ودلنا روث الإبل المنتشر حول الخزان على أن جماعة من العرب قد نزحوه قبلنا. وعلى ذلك مضينا قدما ، وبعد أن أكملنا مسيرة ثمانى ساعات ونصف حططنا عند طرف الوادى.
١١ مارس ـ سرنا ثلاث ساعات فوق تلال محجرة ودروب صخرية حتى بلغنا بئر المرة ، والبئر جديرة باسمها حين يقارن ماؤها بماء النيل العذب ، ولكن عرب الصحراء الشرقية قلما يبالون بمرارتها لكثرة ما ألفوا من مياه مرة لم يعتدها النوبيون والمصريون. وبئر المرة واسعة يتجاوز عمقها أربعين قدما ، وقيل لى إن ماءها لا ينضب قط. وينبسط وادى المرة مسيرة ساعتين أو ثلاث صوب الشرق. وبعد أن تزودنا بقليل من الماء استأنفنا السير من فورنا حتى وصلنا وادى علاقى