ويضرب بعضهم فى الجبال الشرقية كالبدو. وهم لا يتكلمون إلا العربية ، وجلهم يجهل لغة الكنوز. ويجبى أمراء النوبة الضرائب على كل البضائع التى يستوردها عرب العليقات من الجنوب ، ولكنهم قلما يستطيعون أن يبتزوا منهم ضرائب إضافية لأن عددهم كبير ، ولأنهم مسلحون خير تسليح ، ولذلك استطاعوا أن يقتنوا ثروة طيبة. وهم يبيعون فى الصعيد العبيد والبلح والصمغ العربى وريش النعام والإبل التى يجلبونها من بربر ، ويشترون منه السلع التى تلزم لأسواق الجنوب (١).
وعلى مسيرة ساعتين ونصف من وادى المضيق يقوم وادى العرب ، حيث تجد فضلا عن عرب العليقات عربا من قبيلة «الغربية» سكنوا الوادى من أيام الفتح الإسلامى للنوبة. وشاطىء النهر زكى الزرع فى كل أنحائه. وتكتنف الصخور النهر مسافة يقطعها الراكب فى ثلاثة ساعات ونصف إلى خمس ، ولا تترك الصخور من الضفة سوى شقة ضيقة لا تصلح إلا للسير على القدم ، أما طريق الإبل فتخترق الصخور الرملية الخشنة والفجاج العميقة فى بطن الجبل. وبلغت وادى سنقارى بعد خمس ساعات ونصف ، وكرسكو بعد ست ونصف. وهنا يعرض الشاطىء ، وتبدأ أحراج من النخيل تحف ضفتى النهر حتى إبريم. ويرى المسافر مجموعات من البيوت على كل مائة ياردة ، مما يصعب معه تعيين الحدود الدقيقة لكل قرية. وتقوم بشيرنيرقة على مسيرة سبع ساعات ، وشقة على مسيرة سبع وربع ، وضراب على ثمان. وهنا توجد أكوام من الحجارة المنحوتة ، وهى خرائب متخلفة من مبان قديمة اشتقت منها القرية اسمها.
__________________
(*) تسير فى كل شتاء قافلة من ثلاثين أو أربعين بعيرا محملة بالبضائع من وادى السبوع إلى القاهرة. وقد اعتاد تجار السبوع أن يشتركوا فى التجارة مع النوبيين المساكين ، فيقرضونهم مبالغ من المال ليغروهم بالسفر إلى بربر للتجارة ، وعند عودتهم يقاسمونهم الأرباح. وهناك أسر تشتغل بهذه الشركة من عبود سحيقة. والمسافة بين السبوع ومقرات على النيل شمالى بربر تبلغ سبعة أيام من السفر الهين. وعلى مسيرة ثلاثة أيام من السبوع عين ماء كبيرة تدعى (ربت) وعلى مسيرة خمسة أيام عين أخرى.