أما السلع المختلفة التى تشتمل عليها تجارة السودان فسيأتى تفصيل القول فيها عند الكلام على سوق شندى ، ويتجر البلدان بالسلع نفسها ، ولكن تجارة بربر أقل لأنها لا تتصل اتصالا مباشرا بغير شندى من أقاليم الجنوب ، أما شندى فتفد عليها القوافل من كل فج ، ولعلها اليوم أول بلد تجارى فى إفريقية جنوبى مصر وشرقى دارفور. وكل ما يباع فى سوق بربر من رقيق أو سلع مجلوب إليها من شندى. بيد أن التجار المصريين يؤثرون فى الغالب سوق بربر على الأسواق الجنوبية برغم ارتفاع أثمانها ، ذلك لأنهم يستطيعون أن ينجزوا أعمالهم فيها فى وقت أقصر ثم ينتهزون أول فرصة للعودة إلى مصر بطريق الصحراء. ويوم كنت ببربر خرجت منها قافلة قوامها مائتان وخمسون جملا وعشرون رقيقا تقصد دراو ، فعاد معها بعض رفاقى بعد أن باعوا بضاعتهم. ومع هذا فسوق بربر قليلة البضاعة لا تصلح إلا لأوساط التجار المصريين.
وفى صعيد مصر يسمون القوافل القادمة من بربر قوافل سنار. وعلم المصريين بالسودان ضئيل ، لذلك لا تعدو القوافل القادمة من الجنوب أن تكون آتية من دارفور أو سنار فى نظرهم ، وذلك حسب دخولها مصر من الصحراء الغربية أو الشرقية. ويدخل فى قوافل سنار ما يفد من سنار وشندى وبربر والمحس والسبوع. وكل قافلة تفد على بربر من الجنوب تمكث بها وقتا تختار فيه من يصحبها من خبراء وتعد عدتها للرحلة عبر الصحراء. ويقيم ببربر كثير من العبابدة وهم على استعداد للقيام بهذه الرحلة فى أى وقت ، ولن يرفض الرجل منهم أن يصحب القافلة خبيرا وحارسا لقاء عشرين ريالا. وبين التجار كثيرون ممن خبروا الطريق ولكنهم لو خرجوا إليه فى غير صحبة أحد العبابدة لسطا عليهم أى بدوى من هذه القبيلة يلقاهم فى الطريق فيسلبهم مالهم وبضاعتهم. وعلى كل قافلة تفد بربر أن تؤدى للملك (أى الملك) ضريبة مرور يتطلب جمعها من كل فرد أياما. ويقتضى المك كل قادم من مصر خمسة أثواب دمور دون مراعاة لعدد أحماله أو جماله ، وبصرف النظر عن كونه سيدا أو خادما. وعلى المسافر أن يدفع ثوب دمور لموظفى المك ، وآخر لعبيده ، وثالثا لرؤساء البشاريين من الأرياب