والعلياب أو أقربائهم إذا التقوا بالقافلة فى بربر ، ويطالب البشاريون بهذه الضريبة لأنهم سادة الصحراء من بربر إلى آبار نابه ، أما البلاد شمال نابه فتدخل فى نطاق سلطان العبابدة ، وتستطيع على ذلك أن تعدها جزءا من مصر لأن العبابدة تابعون لحكومتها. ويجمع المك الأثواب السبعة ويعطى كل فرد من قومه نصيبه منها. أما البشاريون فيأخذون الثوب بأنفسهم ، فإذا لم يوجد منهم أحد أعفى المسافر من أداء هذا الثوب. ويأخذ المك ضريبته ريالات أو دمورا ، فإذا كانت جيوب رجال القافلة حال وصولهم بربر خاوية ـ وهو ما يحدث عادة لأنهم يكونون قد اشتروا بضاعة بآخر درهم معهم قبل خروجهم من مصر ـ حصل ضريبته عينا بأسعار يحددها هو. أما العبابدة فمعفون من ضريبة المرور هذه لأنهم هم أنفسهم ، كما يقولون ، «أهل سلطنة» أى قوم مستقلون فى جبالهم ، وليس من المروءة أن يتقاضى رئيس قبيلة ضريبة من رئيس قبيلة نظيره. أما حقيقة الأمر فهى أن أهل بربر يخشون بأس العبابدة لأنهم يهبطون عليهم من جبالهم إذا خاصموهم ، ويغيرون عليهم وينهبون ماشيتهم وعبيدهم ليلا. كذلك يعفى التجار البشاريون من ضريبة المرور ، ولكن عددهم قليل جدا ، ولا يرتاد هذا الطريق منهم أكثر من ثلاثة أو أربعة.
ولا يفرض مك بربر إتاوة ثابتة على القوافل القادمة من الجنوب والداخلة فى الصحراء عند بربر ، وذلك لأنها خارجة من عاصمة سيّده ، على أنه يأخذ من كل مسافر عطايا زهيدة تتناسب وعدد أحماله وعبيده.
وليس هذا كل ما يقتضيه المك وحاشيته ، فهم يستفسرون عن نوع البضاعة التى جلبها كل مسافر من مصر ، ثم يطلبون بعضها هدايا فوق ما أخذوا من ضريبة. ويساعد التجار أنفسهم المك فيما يقوم به من استطلاع ، فهم يشون بعضهم ببعض توددا إليه. وقد أنفقنا الأسبوع الأول فى بربر والمك لا يفتأ يحاول الحصول على شتى الهدايا من التجار ، والتجار لا يفتأون يروغون ويتملصون. ولما كنت فى عيونهم رجلا مملقا فإن المك لم يتقاضانى أول الأمر أكثر من ثلاثة ريالات ، ولكنه أكرهنى بعد ذلك على دفع ريال رابع حين ترامى إليه أننى