أو تقايض عليها بجلود الثيران وبالجمال. كذلك تأتى قوافل صغيرة قوامها البشاريون من سواكن ـ وهى رحلة عشرة أيام ـ حاملة التوابل والأقمشة الهندية وعلى الأخص التيل الرفيع (الكمبريت). ولا يسلك التجار الأجانب هذا الطريق خوفا من غدر البشاريين ، على أنهم كثيرا ما يتخذون هذا الطريق الموفور الماء إذا اتفق وجود الحجاج ببربر فى طريقهم إلى مكة فى أثناء عودة قافلة من هذه القوافل إلى سواكن. ويسلك الحجاج السودانيون عادة أحد طريقين ، فإما الطريق المحاذى لضفاف النيل وإما طريق التاكة الذى سأفصل الكلام عليه فيما بعد. وقد راودتنى شخصيا فكرة الرحلة إلى التاكة ، وكنت أرجو أن أصل منها إلى الحدود الشمالية للحبشة صوب مصوع. وكان ببربر كثيرون ممن وفدوا عليها من سنار ، فلما استفسر منهم أصحابى عن قريبى الذى زعمت أنه مفقود أجمعوا على أنهم لم يروا بسنار إذ ذاك رجلا أبيض. لذلك لم يبق أمامى إلا أن أزعم لهم أنه لا بد قد بارح سنار إلى الحبشة ، وأمكننى بذلك أن أستفسر عن الطريق الصحراوى إلى التاكة وسواكن دون أن أثير حولى الشبهات والظنون ، وكان أصحابى يحثوننى على اتخاذ هذا الطريق والإقامة ببربر حتى تواتينى الفرصة للخروج فى الرحلة. ولا شك أنه كان يسرهم أن أركب هذا الخطر ليستريحوا منى نهائيا إن لقيت فى الرحلة حتفى ، ولعلهم كانوا يخشون إن عدت إلى مصر أن أنتقم منهم لمسلكهم معى. على أننى بعد التحرى والاستقصاء أيقنت أن هذا الطريق يجب ألا يتخذه غريب ، وأهل بربر أنفسهم لا يتخذونه إلا فى جماعة كبيرة منهم ، فهم لا يأمنون جانب البشاريين الذين لا يترددون فى قتل الرجل منهم ولو كان موصى به من المك نفسه ، ما داموا يرتجون من وراء قتله مغنما مهما يكن زهيدا. ولا بد للمسافر فى هذا الطريق من أن يحمل معه بضاعة ولو قليلة ليقايض بها على الزاد فى أثناء الرحلة ، وفى هذا ما يكفى لإثارة جشع البشاريين وحملهم على الفتك به. وعلمت خلال بحثى واستقصائى أنه قد قدم بربر قبل خمس سنوات أو ست