عند العرب والأتراك ، فهم يبصقون بعد كل نفس يشدّونه ، ويقولون إن من لا يفعل هذا لا يستطيع أن يكون شريب بوظة مغوارا ، ويبخون البصاق من بين ثناياهم ، وهى عادة ما كنت لأحفل بذكرها فى هذه المناسبة لولا أننى لم أجد لها نظيرا عند سائر من لقيت من المدخنين المسلمين.
كذلك يبيع تجار التبغ النطرون المجلوب من كردفان ، وتستورده هذه من دارفور. ويبيعون الملح المجلوب من مناجم بيوضة ، ولكن هذا الصنف من الملح غال ، لذلك يستعيض عنه الأهالى الفقراء بماء ملح يحصلون عليه من كتل من التربة الملحية الضاربة إلى الحمرة يذيبونها فى ماء ساخن ، ويشترون هذه الكتل المرة الكريهة المذاق من بدو الصحراء الشرقية ، ولعلها تحتوى على المغرة والشب. ويبيع فقراء التجار البامية المجففة والشطة والبصل والملوخية.
وتلقى البقالات والعطارات فى هذه السوق أعظم إقبال ، وفى وسعك أن تجد منها ستة محال مفتوحة فى أى وقت من أوقات النهار ، وهى تبيع القرنفل والفلفل والحبهان والتمر الهندى (ويسمونه العرديب) المجلوب أقراصا صغيرة من كردفان. ويجهز العرديب بتعريض لبه وحبه للشمس إلى أن يوشكا على التعفن ، ثم يعجنان أقراصا. وأجود أنواعه ينمو فى غرب دارفور وشمالها الغربى فيما بينها وبين دار صلبح ، ولكنه موفور أيضا فى الأنحاء المجاورة لكردفان. ويذيب أهل شندى هذه الأقراص فى الماء الساخن ويتخذون منها شرابا منعشا. وتحمل الجمال الكثيرة بهذا الثمر اللذيذ وتجلب لمصر ، ويسمونه فى القاهرة التمر الهندى لأن بعضه يجلب إليها من جزر الهند الشرقية. وقد رأيت الكثير منه مع الهنود فى جده ، ويسمى هناك الحمر ، ولكنه صنف أرخص لأنه فرط لا أقراص ، ونوعه أقل جودة. وينمو التمر الهندى فى مكة (١) وبعض أرجاء الحجاز. خشب الصندل. تجلب من الهند المقادير الكثيرة من هذا الخشب ، ويدخل فى تركيب الطيب الذى يدلكون به بشرتهم ، وإذا كان عندهم مريض عطرت
__________________
(*) يقول ناشر الكتاب إنه رأى هذه الشجرة فى جزيرة إلفنتين.