ثلاثة شهور لا تصل فيها قافلة ثم تأتى القوافل بعدها تترى. والطريق مأمون من الأبيض Pbeydh (وليست Ibeit كما كتبها براون) عاصمة كردفان إلى شندى ، ويقطع فى أسبوعين يجتاز المسافر فى الأيام الخمسة الأخيرة منهما صحراء لا ماء فيها ويصل مع قوافل كردفان تجار من دارفور أيضا ، ويقال إن التجاره نشيطة والطريق مأمون بين كوبى عاصمة دارفور وبين الأبيض. وليس بكردفان من العبيد سوى ما يجلب إليها من دارفور ، ويبدو أن أهلها لا يتجرون مع بلاد الزنج الجنوبية ، ولكن منذ أتى المماليك دنقلة فتح طريق تجارى مباشر بين دنقلة وكردفان التى لا تبعد حدودها الشمالية عن حدود دنقلة أكثر من ستة أيام على ما علمت.
وإذا وصلت قافلة كردفانية إلى شندى حفلت سوقها بالرقيق وهو أهم السلع التى يجلبها تجار كردفان ، ويجلبون كذلك خير ما تنتجه بلاد الزنج من الصمغ العربى (١) ، والعرديب أو التمر الهندى ، واللبان ، والنطرون من دارفور ، والششم الذى يستعمل فى مصر علاجا للرمد ، والشوشة وهى نوع من البازلاء الصغيرة التى تنمو فى كردفان ودارفور ، ولونها قرنفلى جميل بنقطة سوداء صغيرة فى نهايتها ، ويسلكونها فى خيوط ويلبسونها كالعقود. ومن السلع التى يبيعونها الحبال من الجلد. وسكان البلاد الواقعة على النيل يصنعون حبالهم من ليف النخل أو من الغاب الذى ينمو على ضفاف النهر ، أما سكان البلاد الغربية التى تخلو من النخل فحبالهم من سيور الجلد المفتولة ، وهى غاية فى المتانة والقوة ، ولهذه الميزة مقام الصدارة فى الرحلات الصحراوية على ظهور الإبل المثقلة بالأحمال. وتباع هذه الحبال للتجار المصريين والسواكنية ، وكذلك الجربان الكبيرة المصنوعة من جلود الثيران الغليظة بكردفان ودارفور ، ويحمل فى هذه الجربان دقيق الذرة فى
__________________
(*) كانت قوافل سنار تجلب إلى مصر سنويا ألفى قنطار من الصمغ العربى ، أما اليوم فهى لا تحمل إليها أكثر من مائة قنطار. والصمغ المأخوذ من السنط فى صحارى الحجاز يعرف فى القاهرة بالصمغ الينبعى (نسبة إلى ينبع) ، أما المأخوذ من صحارى السويس والتيه وجبل سيناء فاسمه الصمغ الطورى (نسبة إلى الطور) ، ولا يصدر هذا إلى أى بلد أوربى غير فرنسا. وصمغ كردفان من خير أنواع الصمغ ، وحبيباته صغيرة وبياضه ناصع. أما صمغ سنار فالطلب عليه أقل.