الصحراء طعاما للعبيد. ثم قرب الماء الكبيرة من جلود الثيران ، وتسمى القربة منها ريا ، ويستعملها التجار الذين يعبرون الصحراء بحشد كبير من العبيد ، وحمولة الجمل قربتان منها. وهى تحفظ الماء خيرا مما تحفظه قرب الماعز الصغيرة ، وغلظ جلدها يمنع الماء من سرعة التبخر. وهذه القرب من السلع الهامة فى تجارة دارفور ومصر ، وتستخدم فى جميع المدن المصرية لا سيما فى القاهرة لحمل الماء من النهر إلى المدينة سدا لحاجة أهلها منه. وكذلك يجلب تجار كردفان قربا من جلد الغنم صنعت بمهارة فائقة لأن الجلد قد حفظ فيها كاملا برمته. وسبيل ذلك أن يفصل الرأس عن الجسد ، ثم يسلخ الجزار الجلد بمهارة لم يؤتها البدو من العرب ، فيدخل يده بنصل صغير من فتحة فى الزور ، ويفصل الجلد عن اللحم دون أن يجرحه. وعلى ذلك لا ترى فى القربة الكردفانية آثار جروح فيما عدا مكان القوائم أما غير هذا من القرب العادية فملفوقة من جوانب ثلاث. ومن السلع المجلوبة من كردفان القصاع الخشبية الكبيرة ، وهى منقورة من أصل نوع من الشجر فيما يقولون ، وتدهن بالسمن ثم ترفع على النار لتسودّ. وكثيرا ما تقوم مقام الخزف والأوانى والصحاف والأكواب الصينية التى يحلى بها بعض الأقوام الشرقيين المتحضرين غرف الجلوس فى بيوتهم بوضعها على رفوف مثبتة فى الجدران. وبعض هذه القصاع من الكبر بحيث يسع من الطعام ما يكفى اثنى عشر شخصا ، وفى صنعها دقة لا تلمح معها أثرا للآلة التى صنعت بها.
كذلك يلقى ريش النعام الذى يجلبه تجار كردفان إقبالا عظيما. وهؤلاء التجار متوسطو الثراء ، ولأكثرهم نساء فى شندى ودارفور وفى الأبيض أيضا. ويشترون العبيد من دارفور ويلمون ببيوتهم فى الأبيض ثم يؤمون شندى بعبيدهم. ويعرف الناس فيهم أمانة ليست فى أهل سنار ، ولكن هذه السمعة الطيبة لا تغرى أحدا ببيعهم بضاعته نسيئة. ويحملون من سوق شندى السنبل والمحلب والكحل والعقود والتوابل الكثيرة وعلى الأخص القرنفل ، وكلها يتهافت الناس على شرائه فى أقاليم السودان الغربية. كذلك يحملون قليلا من البضائع الحديدية والدمور السنارى والكتان المصرى ، وأقمشة الهند القطنية المجلوبة من سواكن ،