والقليل من ثياب الحجاز الجريرية وقماشه الذى يلبسه أمراؤهم المولعون بكل زاه براق يشعر الناس بمكانتهم ، وبعض البن ، وأهم من هذا كله «الريش» أو الخرز من العقيق الهندى. ويقال إن العملة التى يتداولها أهل كردفان ـ فضلا عن الذرة ـ هى قطع من الحديد صغيرة يشترون بها من السوق اللبن واللحم وخبز الدخن. وتجمع هذه القطع وتصنع منها البلط ورؤوس الحراب. كذلك يتعامل القوم بالأبقار ، فيشترون بها العبيد مثلا ، وطعام هذه الأبقار من الأعشاب البرية موفور وفرة تتيح اقتناء أى عدد منها فى حيشان المنازل.
وأغنى من يؤم اليوم سوق شندى من التجار قاطبة هم تجار سواكن المعروفون فى هذا الجزء من إفريقية بالحداربة أو الحضارمة (نسبة لحضرموت موطنهم الأصلى فى جنوب بلاد العرب). ولن تعدم فى شندى بعض هؤلاء التجار فى أى وقت افتقدنهم. وحين كنت بها غادرتها إلى سواكن قافلتان منهم ووصلتها قافلة كبيرة ، ولا يمر شهر دون أن يصل بعضهم من سواكن. كذلك يلم الحداربة بسوق سنار ، فتتخذ قوافلهم طريق شندى أو الطريق الأقرب طريق قوز رجب على عطبرة ، ومنها ييممون سنار مباشرة عبر الصحراء ، ويلم بعضهم أيضا بالأبيض عاصمة كردفان ، ولكنهم ليسوا من الكثرة بحيث يؤلفون قوافل قائمة بذاتها ، ومن ثم فهم يرحلون إليها فى صحبة التجار الوطنيين. ويرحب تجار سنار وكردفان بقوافل هؤلاء الحداربة حين تصل شندى ، ولا غرو فهم أسرع الناس شراء لبضائعهم ، ولكنهم يثيرون فى صدور المصريين ـ منافسيهم فى تجارة كثير من السلع ـ أشد ضروب الغيرة والحسد. وأهم ما يجلبه تجار سواكن إلى شندى هو السلع الهندية ، فيها الكمبريت مختلف الأنواع من بفتة إلى بنوه ويجلب من مدارس وسورات ، وفيها الموسلين الخشن المجلوب من بنغالة ، وبعضه يستهلكه أهل شندى وسنار ، ولكن أكثره يعطى لتجار كردفان عوضا عن العبيد ، وفيها التوابل والأفاوية لا سيما القرنفل والزنجبيل ، وفيها السكر الهندى ، والعقود اليمنية كما يسمونها ـ وإن كانت لا تصنع فى اليمن ـ وخشب الصندل ، وهو سلعة هامة تتخذ طريقها من شندى حتى تبلغ الأقاليم