التى فى غرب دارفور وأقصاها الباقرمى ، كذلك يبيع الحداربة كل ما يجلبه المصريون من بضائع حديدية ، ولكن هؤلاء أقدر على بيعها بأثمان رخيصة ، ويبيعون لتجار سنار ودارفور «الضفر» وهو قشر حيوان يعيش فى البحر الأحمر ، ويقطع قطعا صغيرة تصلح بخورا يفوح شذاه إذا أدنى من النار. ويقبل أهل الحجاز ومصر على قطعه الخرزية الشكل ، فيلبسها النساء قلائد فى أعناقهن ، ولونها أسود أو أزرق قاتم بعروق فاتحة. ويصدر السواكنية هذه القلائد إلى جدة أيضا.
ويحمل الحداربة عوضا عن سلعهم الذهب والعبيد ـ وعلى الأخص من الحبش ـ وسلع بلاد الزنج كافة فيما خلا الصمغ العربى ، وإن كانوا أحيانا يحملون الصمغ أيضا ويبيعونه فى اليمن للتجار الإنجليز والأمريكيين. وفى شندى تبتاع كل قافلة سواكنية عددا من الجياد الدنقلاوية لتبيعها بثمن مجز فى بلاد اليمن ، سواء فى الحدبدة أو اللحية أو فى الجنوب حتى مخا. وفرسان الشريف حمود ـ الأمير الحالى لليمن ـ يمتطون جيادا تكاد تكون كلها مجلوبة من دنقلة لأن الجياد العربية الأصيلة نادرة جدا فى اليمن.
وتجلب القوافل السواكنية التى تبلغ فى رحلاتها سنار تبغا كثيرا من سوقها لتبيعه فى اليمن. ويتمتع التجار السواكنية فى شندى بثقة لا يتمتع بها غيرهم لثرائهم وكثرتهم ، وكلهم من العرب الأحرار ، فهم ليسوا فلاحين كالتجار القادمين من صعيد مصر ، ولا سودا كتجار كردفان ، وجلهم من صفوة الأسر السواكنية ، وهم يبادرون إلى الثأر لأية إهانة توجه إلى أى فرد منهم. ويعاملهم المك بأدب جم ، وهم يتحفونه بهدايا لا ينالها من سواهم من التجار. على أننى سأعود إلى الكلام على هذا فى معرض حديثى عن سواكن. وسواكن اليوم ـ باستثناء مصوع ـ والقاهرة أهم بلد لتجارة الرقيق فى الشمال الشرقى من إفريقية وراء حدود السودان.
وليس لتجارة دنقلة أهمية تذكر فى شندى. ويجلب إليها الدناقلة البلح الذى