يشترونه من المحس ، والتبغ الذى تنتجه بلادهم. ويرسل البلح إلى سنار وكردفان هدايا للملوك ، ويعده القوم هناك ترفا لا يفضله غير السكر.
ويتهافت التجار على شراء الجوارى اللواتى سبقت لهن خدمة فى بيوت الدناقلة لما اكتسبن من خبره فى الطهو والخدمة (١). وقد أصبحت شندى ـ بفضل اتفاق هؤلاء التجار جميعا ـ أول سوق سودانية لتجارة الرقيق المصرية والعربية ، والتجارتان على صلة وثيقة بعضهما ببعض وبالتجارة الحبشية أيضا ، وقد يلتقى التجار القادمون من هذه الأقطار الثلاثة فى أقصى حدود البلاد التى يوغلون فيها للتجارة ، ويجلبون لأسواق إفريقية من الشمال والشرق سلعا تكاد تكون واحدة. ويبدو أن أبعد الحدود التى يبلغها التجار هى دار صليح ، أو لعلها الباقرمى فى غرب دارفور وشمالها الغربى. أما الأقاليم الواقعة وراء هذين الإقليمين فعلى الرغم من اتصالها بدارفور لاستيراد السلع العربية والمصرية ، إلا أنها تقفل أبوابها فى وجوه هؤلاء التجار ، وعبثا حاول التجار أن يوغلوا وسط قبائل العرب والبدو المعادية التى تقطن بحر الغزال ، ووسط القبائل الإفريقية الوثنية التى تقيم بين الباقرمى وعفنو ، مهما تكن أهمية السلع التى يحملونها. وتبدأ تجارة فزان أو تجارة زبلع ـ وهو الاسم الذى يطلقونه عليها هنا ـ فى الانتشار وراء بحر الغزال فى اتجاه حدود بورنو ، ومن هذا الإقليم تنتشر إلى أقصى الغرب عبر السودان. ولم أعثر على أثر لأى تجارة منتظمة بالقوافل تقوم بين شرق السودان وغربه على الرغم من استفسارى عن هذا المرة بعد المرة (وفى وسع المرء أن يوجه ما شاء من أسئلة للتجار السود دون أن يخشى توجسا منهم أو غيرة) ، ولم ألق أى تاجر قادم من الأقاليم الواقعة وراء الباقرمى. والذين يقصدون تلك الأقاليم يلحقون فى بورنو بقوافل فزان. أما القلة من أهل بورنو التى تسافر بطريق بحر الغزال إلى دارفور رأسا فحجاج يعيشون على الصدقات. وجلّ الرقيق الذين تراهم فى شندى مجلوبون من
__________________
(*) بعد أن استقر المماليك فى دنقلة اضطروا إلى جلب ما يحتاجونه من مصر بطريق شندى. وأقصر الطرق يستغرق خمسة أيام ، ويخترق الجبال من كورتى فى بحدود دنقلة جنوبا ، ولكنه طريق غير مأمون.