البيوت أو حتى للفلاحة. وجل البالغين يشتريهم البدو ليستخدموهم رعاة. ويقتنى البشاريون العدد الكبير منهم فى جميع مضاربهم. أما الجوارى الكبيرات فقد تباع الجارية منهن بثمن يرتفع إلى الثلاثين ريالا ـ وإن جاوزت سن الصبا والجمال ـ إذا أثر عنها حذقها الخدمة والحياكة والطهو وما إلى ذلك من أشغال البيوت. وأهل الشام لا يقتنون من العبيد إلا قليلا ، وجل من رأيتهم هناك جلبتهم القوافل من بغداد ، وموطنهم سواحل موزمبيق.
وقل من العبيد المجلوبين لمصر من لم تتبادله أيدى السادة مرات قبل أن ينتهى به المطاف إلى أسرة من الأسر. فالعبيد المجلوبون من فرتيت مثلا يجمعهم من حدود وطنهم أولا صغار تجار الذرة ، فيبيعونهم لتجار كوبى الذين يقصدون فرتيت فى قوافل صغيرة لهذا الغرض. وفى كوبى يبتاعهم تجار دارفور أو كردفان ويحملونهم إلى الأبيض بكردفان. وفى الأبيض ينتقلون غالبا إلى أيدى تجار كردفانيين أخر يمضون بهم إلى شندى. والسبب فى هذا هو أن تجار السودان يقصرون تجارتهم عادة على سوق واحدة ، ففريق من الكردفانيين يتجر مع دارفور وآخر مع شندى ، وفريق من المصريين يتجر مع شندى وآخر مع سنار ، وكذلك الحال مع السواكنية : ففريق منهم يتجر مع شندى وآخر مع سنار. وإذا جىء بالعبد إلى شندى ابتاعه من سوقها مصرى أو عبادى ، حتى إذا بلغ به صعيد باعه فى إسنا أو أسيوط أو القاهرة. وفى إسنا وأسيوط يشترى التجار العبيد بالجملة ثم يبيعونهم بالتجزئة فى القاهرة أو فى بلدان الصعيد يلمون بالبلد منها أياما فى رحلتهم هابطين مع النهر. وقد لا يباع العبد نهائيا حتى فى القاهرة حال وصوله إليها. فوكالة الجلابة القريبة من الجامع الأزهر تغص بالبدالين وصغار التجار يساومون تجار الصعيد على شراء العبيد حال وصولهم ، ثم يبيعونهم لآخرين ، قانعين من هذه الصفقة بربح قليل. يضاف إلى هؤلاء تجار من أزمير والقسطنطينية اتخذوا القاهرة مقرا لهم واشتغلوا بتجارة الرقيق دون غيرها. ويصدر هؤلاء التجار الرقيق من الإسكندرية ، وقد ينتقل العبد إلى أيدى سادة ثلاثة أو أربعة بعد ترحيله من الإسكندرية حتى يبلغ مستقره الأخير فى ولايات تركيا الشمالية.