وليس من المستغرب أن يبيع الجلاب أبناءه الذين ولدتهم له نساء زنجيات ، وفى كل يوم تسمع عن جلابة باعوا جوارى قد حبلن منهم. وفى هذه الحالة يصبح الطفل المنتظر ملكا للمشترى بطبيعة الحال. ويقتنى معظم الجلابة عبيدا كبارا يكلون إليهم أمر صغار العبيد الذين يشترونهم ويفيدون أعظم الفائدة من خدماتهم فى أثناء السفر. ولكنى رأيت الجلابة لا يبقون حتى على هؤلاء ، مع أنهم لطول مكثهم فى بيوتهم أصبحوا كالأهل والولد. ولا حافز لهم إلى بيعهم غير شهوة الربح. فمن العبث إذن أن تلتمس عند هذه الطائفة أثرا للمودة أو العطف أو عرفان الجميل. وثمن الجوارى فى كل مكان يزيد ثلاثين فى المائة على ثمن أترابهم العبيد. ويدعونهن هنا خادمات لا جوارى كما فى مصر. وأجملهن يقتنيه الجلابة أنفسهم ، ويسمون الفتاة منهن «سرية». وتتمتع هؤلاء السرارى بقسط كبير من الحرية كثيرا ما يسئن استعماله. ويزعم لك الجلابة فى مصر ـ كاذبين ـ أن من عاداتهم المرعية ألا يعتدوا على عفاف الجوارى الجميلات ، أما الواقع فهو أنهم فى صلاتهم بهن لا يرعون أدبا ولا لياقة ، وكثيرا ما شهدت فى رحلتنا إلى سواكن مناظر مخزية يندى لها الجبين ، وذلك حين كان الخوف من الخطر يلجىء المسافرين إلى التخييم فى حلقة واحدة واسعة ، وكان الجلابة ، وهم المسئولون عن هذه المناظر قبل غيرهم ، يكتفون بالضحك منها. وإنى أقرر هنا ـ أيا كانت مزاعم القوم فى القاهرة ـ أن القليل جدا من الجوارى اللاتى جاوزن العاشرة يصلن مصر أو بلاد العرب عذارى. ويحرص وجوه القوم فى هذين القطرين أشد الحرص على ألا يشتروا من الجلابة جوارى بالغات إلا للخدمة ، وأكثر ما يشترون الفتيات الصغيرات يربونهن بين نسائهم.
ويبتاع القوم صغار العبيد تحت التجربة. وللمشترى من سوق شندى أن يجرب العبد يوما ، أما فى مصر فثلاثة أيام. وكثيرا ما يأخذ المشترى فتاة «لتجربة ليلة» كما يقولون ، وله أن يردها فى الغد دون أن يبدى لردها سببا سوى نفوره منها ، إذ قل أن يهتم هؤلاء المتوحشون بتربية جواريهم على الشعور بالحياء أو الشرف ، فلا غرابة إذا شببن فاجرات بعد بقائهن زمنا فى حوزة الجلابة. وقد يباع صغار العبيد أحيانا بيعا يشترط فيه عدم ردهم شرطا صريحا.