وفى الجبال الواقعة شرقى دراو بالصعيد ، وعلى ثلاث مراحل منها صوب البحر الأحمر ، سهل به آبار ماء عذب ، واسم السهل «الشيخ شادلى» نسبة إلى ضريح هذا الشيخ الذى مات هناك فيما يروون على الطريق الممتد من القصير إلى سواكن والذى تقع عليه الآبار. وللضريح منزلة كبيرة عند المصريين ، وقد بنى أحد بكوات المماليك فوقه قبة ، وكثيرا ما ينذر الناس زيارة الضريح وينحرون فيه شاة إكراما للشيخ. وتحفل الوديان المحيطة به بالشجر ، وإذا صدق الرواة فإن هناك خرائب مبان ، وكهوفا منقورة فى الصخر. وقد اشتهر الجبل منذ القدم بالزمرد ، ويؤيد معظم جغرافيى العرب هذا الرأى فى كتبهم ، ولما بلغت الرواية مسامع محمد على باشا أرسل إلى الشيخ شادلى عام ١٨١٢ نفرا من جنده يرافقهم جواهرى رومى من القاهرة زعم أنه خبير بالأحجار الكريمة ، وأخذت البعثة معها مئات من الفلاحين ، وبعد أن لبثوا أياما يحفرون الأرض الصخرية والسهل المجاور للضريح فى مكان قيل إن أحد بكوات المماليك وجد فيه حجرا نفيسا لا يقدر بثمن ، أخرجوا بمحض الصدفة الغريبة قطعة من الزجاج المعتم الأخضر يبلغ حجمها ثمانى بوصات مكعبة ، وعلى القطعة مسحة من لون الزمرد ، فأعلنوا على الفور أنهم وجدوا زمردة أصيلة ، ثم حملوها ظافرين إلى القاهرة. وكنت قد وصلت إسناتوا حين مر هذا الجوهرى بها. فرأيت الكنز المزعوم فى بيت الحاكم ، ولكنى كرهت أن أطفىء فرحة رئيس البعثة بعد أن حسب نفسه فى عداد الأثرياء. وسمعت بعد ذلك أن نبأ هذا الكشف السعيد قد حمل إلى القاهرة قبل وصول الكنز إليها ، وأن مكتشفيه قد حظوا بجائزة سنية من الباشا ، وأنه مضى زمن طويل قبل أن يجرؤ خبير من خبراء الجواهر على مصارحة الباشا بأن الزمردة المزعومة ليست سوى قطعة من الزجاج. وكانت البعثة قد وجدتها فى طبقة سميكة من الجبس بين جدران قديمة ، ولست أشك فى أن مصنع زجاج قديم كان يقوم على هذه البقعة يوما ما. والجبال المحيطة بهذا المكان كثيرة الشجر ، ويحرق العبابدة من سنطها قدرا كبيرا يصنعون منه الفحم البلدى ، ويحملونه إلى النيل فيشحنه التجار بالمراكب إلى القاهرة. وتكثر فى هذه الجبال أعشاب الشيح والروثة ، ومنها يصنعون أفضل أنواع