القلى أو الصودا ، كذلك يكثر الرمل فى الوديان. لذلك كانت هذه البقعة مناسبة جدا لإقامة مصنع للزجاج ، ومن الثابت أن المصريين القدماء كانوا يستعملون الأوانى الزجاجية ، وفى أنقاض مدنهم جميعها شظايا من هذه الأوانى مختلفة الأشكال والألوان ، بل إنهم لا بد حذقوا هذه الصناعة حذقا عظيما وحاولوا صناعة زجاج يقلد الأحجار الكريمة ، ففى أثناء إقامتى بأسنا كشف عن كثير من القطع الزجاجية الصغيرة فى خرائب إدفوApollinopolis Magna ، وكانت تزييفا متقنا للجمشت والياقوت.
وقبل الظهيرة دخلنا خليج الفجع (١) ، ومدخله سهل ومرساته واسعة. وقد أصيبت قارية المركب هذا الصباح بعطب من جراء جهل البحارة بالقيادة ، والحق أنك لا تجد أعقد ولا أفسد من هذه الطريقة التى يقودون بها هذه السفن الريفية ، فليس لأحد من الملاحين فيها عمل معين اختص به ، وكل حركة على السفينة تشيع فيها الفوضى والاضطراب ، وليس للرّيس سلطان حقيقى على رجاله ، فهم يفعلون ما بدا لهم دون احتفال بأوامره أو أوامر الربان. ولكن جبنهم الشديد يقلل من وقوع الأضرار التى يصح أن تنجم عن هذا الجهل ، فكلما هبت ريح طوى الملاح العربى قلوعه وأرسى مركبه على البر وقبع هناك إلى أن تهدأ الريح. وإذا دنت السفينة من خليج قبل الظهر وكان هناك شك فى إمكان الوصول إلى الخليج التالى قبل المغرب يسبب حالة الريح ، بادروا بدخول الخليج الأول وأنفقوا بعد الظهر كله عاطلين ، فإنهم متى شدوا السفينة إلى البر بقوا حيث هم مهما تكن الريح مواتية.
والفجع مرسى مشهور على هذا البر ، وسرعان ما بدأنا سوقا مع بعض البدو الذين أتونا بماء زلال. وتستمر الجبال محاذية للساحل بطوله على نحو أربعة أميال أو خمسة من البر ، ويرتفع البر شيئا فشيئا نحو سفوحها. والساحل رملى فيه طبقات طباشيرية كونها الصدف المتكلس ، وأينما تلفت وجدت الأصداف الكثيرة ، وقد
__________________
(*) هذا اسم عربى ، أما أسماء الخلجان التى مررنا بها إلى الآن فبشارية.