فى عربية ركيكة. وأضحكنى كثيرا ما رواه عن أسفاره فى أوربا وعن مشاهداته فى انجلتره وعن عادات أهلها ، وكله هراء ظاهر وتلفيق مكشوف. أما معاملتى على ظهر المركب فلست أرى فيها ما يدعو للشكوى إذا قارنتها بمعاملة غيرى من الركاب ، وقد نفحت الريس بريال من عندى ـ وكان رجلا من أهل جدة ـ فزاده هذا رغبة فى توفير أسباب الراحة لى ، وكان الراكب من التجار يؤدى عن سفره ريالين.
١٣ يوليو ـ كانت الريح معتدلة ، فبلغنا خليج تاضه فى الثانية صباحا مستعينين بالمجاذيف ، وكثيرا ما كنا نلجأ إليها. وكانت هناك قرية للأمرار ملاصقة للبر. ولم تعرف عن هؤلاء البدو الأمانة أو الذمة ، لذلك وقفنا على مسافة كبيرة من البر. وسبح بعض البحارة إليه ليتفقوا مع شيخهم على الإتاوة التى يؤديها المركب. وقد اضطررت ـ واضطر معى القبطان الرومى ـ إلى أداء نصف كيلة من الذرة فوق المبلغ المشروط ، بحجة أننا فى خدمة الباشا ، وأننا لسنا عربا كالباقين. ثم رسونا على رمث صغير كان يسحب من البر بجانب المركب. وقد أحسن البدو الذين احتشدوا حولنا معاملتنا ، أو قل إنهم تركونا وشأننا دون مضايقة. وهم ينتمون إلى عشيرة كوباد من أمهات عشائر الأمرأر ، ويسكنون هنا فى خيام من شعر الماعز الأسود كخيام عرب شبه الجزيرة. وجملة الخيام ثلاثون أو أربعون ، وخيمة الشيخ مضروبة إلى جوار قبر جده ، وكان رجلا جليل القدر بين قومه ، لذلك شيدوا له قبرا من الحجر. وفى المساء أقبلت القطعان الكثيرة من الإبل والغنم والماعز تعدو إلى البر لتشرب من عيون تنبع وسط الشجر بقرب البحر ، وعدد العيون ست ، وماؤها كلها زعاق فيما خلا واحدة. وصوف هذه الغنم قصير ردىء النوع ، أما شعر الماعز فطويل. وفى الجبل خزانات لمياه الأمطار ، ولكن البدو ألفوا ماء العيون ، لذلك لا يكلفون أنفسهم مشقة جلب الماء العذب من بعيد ، ويستحيل الشاطىء ـ غير بعيد من الآبار ـ صخريا جدا ، وتكسوه الأحجار الهشة الكبيرة ، ثم يرتفع فجأة صوب الجبل ، والصخور ـ على قدر ما أسعفنى النظر ـ كلها من الجرانيت