الماء من عيون إلى الشمال من تبادة. ويلوح أنهم يعتمدون فى غذائهم على السمك والمحار والبيض ، هذا إلى قليل من اللبن يأخذونه من غنمهم التى لا تزيد على الثلاثين عددا. ويصيدون بالشباك والصنانير التى يشترونها من السفن السواكنية ، ويصنعون الدرق المدور والمربع من جلد صفيق يأخذونه من سمكة كبيرة لا علم لى بها ، وقطر الدرقة منها نحو قدم ونصف ، وهى من القوة والمتانة بحيث تثبت لضربة الرمح. ويجمعون من الجبال فى هذا الفصل عددا هائلا من بيض طائر من فصيلة النورس (١) كثير الانتشار فى هذه البقاع. وأقبل إلى الخليج نحو اثنى عشر رجلا وامرأة يسوقون بعض الغنم ويعرضون للبيع شيئا من اللبن والبيض. وكانوا يكومون صفار البيض المسلوق على درقهم أكواما ويحملونه على رءوسهم. وقيل لى إنهم يحفظونه الأسابيع على هذه الحال. وكان رجالهم ونساؤهم نحافا مهزولين ، أما العربية فيجهلونها. وكنت أريد المقايضة على شىء من اللبن ، ولكن مظهرى روع النساء ترويعا نفرهن من أى معاملة معى. وكانوا كلهم يتلهفون على الذرة التى لا سبيل للحصول عليها إلا من السفن الراسية فى برهم ، ولكن غنمهم كانت أعز عليهم وأغلى ، لذلك أبوا التفريط فيها برغم ما عرضنا عليهم من ثمن مجز.
وتبدأ أملاك البشارية من النقطة المجاورة للجزيرة من بر القارة ، وتمتد إلى الشمال رحلة ثمانية أيام إلى حدود بلاد البدو العبابدة. ويتعرض أهل مكور لغارات الأمرأر تأتيهم من تبادة إذا نشبت الحرب بين القبيلتين ، وفى هذه الحالة يلجأون إلى بر القارة. ويبدو أن أهم أهدافهم فى سكنى الجزيرة هو الاتجار مع السفن التى ترسو عليها فى طريقها من جدة إلى سواكن أو العكس. وقيل لى إنهم يعدون الجزيرة ملكا لهم ، وأنه غير مسموح لسواهم من البشاريين بسكناها. وقد ظن بعضهم أنها «جزيرة الزمرد» ، ولكن ملاحى العرب يطلقون هذا الاسم على بضع جزائر تقع إلى الشمال بين هذه الجزيرة وبين القصير.
__________________
(*) Sea ـ gull