وتغل التجارة التى يحملها التجار فى عودتهم ربحا يتراوح بين ٢٠٠ و ٣٠٠% إن لم يكن أكثر فى الظروف الحاضرة بفضل تهافت المماليك على شرائها. والريال هو العملة المتداولة فى السلع الغالية ، أما فى الصفقات الصغيرة فالمد أو كيل الذرة الذى أشرت إليه آنفا ، وذراع القماش من الكتان الذى تحاك منه القمصان ، هما أداة المعاملة ؛ وثوب القماش ثلاثون ذراعا ، وثمنه ريال ، وثمنه فى أسيوط قرشان ، أى سبعا الريال. ولا يتجر النوبيون من الدر إلى دنقلة مع أهل دارفور أو بورنو. وقد أخبرنى عربى فى المحس أن الرحلة إلى بورنو تستغرق من خمسة وعشرين يوما إلى ثلاثين ، ولكنه درب لا يكاد المسافر يجد فيه للماء أثرا.
ويمتد وادى المحس مسيرة يومين بعد تينارى ، وأهم بلاده التى يصادفها المسافر جنوبا هى : دلقو وتبعد عن تينارى من ساعتين إلى ثلاث ، وتقع على ضفة النيل الشرقية ، ثم كوكه على الضفة الغربية ، وعندها آخر جندل فى هذه المنطقة. وعلى مسيرة يوم من تينارى تقوم فورى على الضفة الشرقية ، ثم برجه وفربق على الضفة الغربية ، وعلى يومين من تينارى تقوم حانك وعندها تنتهى الجبال التى تكتنف النيل فى وادى المحس. وعلى مسيرة نصف يوم جنوبى حانك تبدأ جزيرة تدعى مشو ، وعلى الضفة الغربية قرية بنفس الاسم ، وإلى جانب هذه الجزيرة جزيرة أرقو ويقطعها المرء فى يوم كامل ، وهى من أعمال دنقلة. ويقوم عليها حصن من الطوب لا تجد بناء كبيرا سواه جنوبى المحس. ومشو حد دنقلة الشمالى. وبين أرقو ودنقلة قرية أو مدينة الخندق التى رأيتها على مصورات أفريقيا. ولا بد أن منعطفات النهر فى وادى المحس كبيرة ، لأن المرء يستطيع الوصول من تينارى إلى مشو في يوم ونصف إذا سلك دربا فى الجبل ، وإذا لم تخنى الذاكرة فإنى أعتقد أن المرسلين اليسوعيين زاروا مشو فى طريقهم من دنقلة إلى الواحة الكبرى.