الصخور. وإلى الشرق من فرقة وسركامتو يقوم جبل عال يدعى جبل ماما ، وفى سفحه تلك الكيمان التى سبق أن ذكرتها ، ويمكن أن يعتبر هذا الجبل نهاية بطن الحجر على الضفة الشرقية. أما على الضفة الغربية المقابلة ، فإن جبال هذا الإقليم تنتهى بتلال منخفضة تسمى قتفقو. وعبرنا الجبال ثانية من الدابة إلى كولب متجهين إلى الشمال الشرقى بانحراف إلى الشرق. فوصلنا تجاه جزيرة كولب عند الغروب. وأهم الصخور التى يصادفها المسافر فى هذا الجبل هو الفلسپار ، وقرب النهر يرى الجرانيت والشست الجرانيتى. وأردت أن أعبر النهر عند كولب ولكنى وجدت الوقت قد تأخر بى ، والليل قد هبط ، فأوفدت دليلى إلى داود كرا ليبلغه تحيتى ورجائى أن يبعث إلى بعشاء ، وأن يرسل إلىّ فى الغد رجلين ليساعدانى فى نقل بعيرىّ ومتاعى القليل إلى ضفة النهر الغربية. وسرعان ما عاد الدليل يبلغنى استجابة الرجل لما طلبت. وفى الليل وصل عبد يحمل إلينا حساء الشعير. وبتنا بين الصخور إلى جوار الماء. وكان دليلى الأعرابى قد أنبىء أن الأميرين المملوكين قد اجتازا كولب من يومين قاصدين المحس ، فاغتبطت للنبأ أيما اغتباط.
١٧ مارس ـ برّ داود كرا بوعده ، فأرسل إلينا عبدين ليساعدانا فى عبور النيل. ووضعنا على الطوف الرجلين والغراتين ، وجلس أحد العبدين فى مقدمته ليجذف ، فى حين قبض زميله بإحدى يديه على المقودين وبالأخرى على مؤخرة الطوف ، وشدت إلى عنق كل بعير قربة منفوخة لتعينه على السباحة ، ولكنا لم نستطع إغراءهما بنزول الماء إلا بشق الأنفس ، لأن الإبل المصرية لم تألف عبور النهر على هذا النحو. وتجرد دليلى من ثيابه ، وقبض بإحدى يديه على ذيل بعيره ، وبالأخرى على عصا يستحثه بها على السباحة. وأشاروا على بالجلوس على الطوف ، ولكنى وجدته على وهنه مثقلا بما يحمل ، فحذوت حذو دليلى ، ووضعت ثيابى فوق الطوف ، ثم سبحت ببعيرى إلى الضفة الأخرى بالطريقة نفسها. ويخشى الناس فى المحس عبور النهر بهذه الطريقة لوجود التماسيح ، لذلك لا تجد اتصالا منتظما بين الضفتين. ولم يكن بالمركب الذى جلبه ولدا كاشف إلى تينارى ملاح يعرف كيف يسحبه من برّ لبرّ. فإذا كانت الريح مواتية نشر عليه شراع من قطع مهلهلة يكفى