لدفع المركب إلى البر ، واذا كانت الريح مضادة شد إلى المركب جوادان بالحبال ، ثم دفعا فى الماء فجذبا المركب خلفهما وهما يسبحان.
وكان حاكم سكوت قد غادر كولب فى الصباح الباكر سعيا وراء بقرة كان من حقه أن يقتضيها خراجا من شيوخ عرب أم شريف ببطن الحجر ، فتناولت الفطور مع عبيده ثم واصلت رحلتى. ويلوح أن كولب جزيرة لم تصنعها يد الطبيعة ، ففى غربيها تجرى قناة عميقة لا يمكن أن تكون من عمل الطبيعة لشدة انتظامها ، وتجف القناة فى الربيع ، لذلك استطعنا أن نخوضها. وعلى الجانب الغربى من القناة فرجة فى الجبل ، تنبسط سهلا تخلفت فيه آثار زراعة ماضية. وعلى الجزيرة قرية صغيرة ، وأطلال أبنية من الآجر ، دخلت بناء فيها فراعنى أن أجده كنيسة إغريقية صورت على جدرانها رسوم القديسين وطليت بألوان زاهية وكتبت عليها أسماء كثير من الزوار والحجاج. والألوان محتفظة بروائها تمام الاحتفاظ ، ولعل ذلك راجع إلى ما يمتاز به جو النوبة من جفاف شديد. وكثرة الأبنية الأثرية من الآجر التى يراها المرء فى جزائر بطن الحجر دليل على أن مشيديها لم يقووا على قطع الحجر من الجبال المجاورة لهم لشدة صلابته. وسرت إلى الحدود الشمالية للجزيرة فوجدت بئرا عميقة واسعة أحيطت من داخلها بجدار من الحجر الكبير يصل إلى قمة البئر. والصخور السائدة على هذه الضفة صخور جرانيتية تتخللها طبقات من المرو سمكها ثلاث بوصات أو أربع.
وركبنا من كولب ساعتين ونصفا حتى بلغنا وادى أكمه إلى الشمال الشرقى بانحراف إلى الشمال ، وفى بطن الحجر يطلقون إسما واحدا على الواديين الواقعين على ضفتى النهر. وواصلنا السير فى الوادى أربع ساعات لم نر فيها سوى بضعة منازل خربة. ثم يخترق الطريق تلالا رملية عالية ، وبعد ست ساعات ونصف بلغنا وادى سنكى. وهنا وجدنا الرمال تنثال إلى النهر كأنها السيول ، وكانت ريح الشمال تسفى الرمل فى وجوهنا فتضايقنا أشد المضايقة. وفى وادى سنكى تعشينا فى كوخ أعرابية فقيرة كان زوجها قد انطلق إلى الدر ليبيع عنزات ويشترى بثمنها ذرة لبيته. ويزرع فى هذه الناحية وفى نواح أخرى من بطن الحجر نبات الخروع