الذى ينمو فى صعيد مصر أيضا ، ويعلو إلى أربع أقدام أو خمس ، ومن ثماره يستخرجون زيتا طيبا يدهنون به شعورهم. وموقع أكثر هذه الوديان التى تقوم وسط الصخور وبين أشجار الطرفاء رائع لا سيما حيث يكون الماء بركا صغيرة ، ولكن البعوض يفد على هذه البرك زرافات لم تدعنا نهنأ بشىء من الراحة ، فغادرنا مكاننا حين طلع القمر ، وحططنا بعد نصف ساعة على رمال السهل الأعلى هند سفح جبل لاموله ، وكنا نسمع من موضعنا هذا خرير النهر وهو يندفع فوق الصخور عند سفح لاموله الغربى.
١٨ مارس ـ سرنا فوق سهل رملى عال متجهين شرقا بشمال. وتقوم وسط السهل تلال صخرية منعزلة تتألف منها سلسلة أشد انخفاضا من السلسلة الشرقية. وبعد مسيرة ساعتين بدأ وادى فرمكه على ضفة النهر إلى يميننا ، وكان يبعد عنا أميالا وبعد ثلاث ساعات وصلنا وادى أم قناصر ، وعلى جزيرة صخرية فيه تقوم أطلال بيوت وبرج متوسط الارتفاع وكلها من الآجر. ويسكن هذا الوادى عرب قلائل من قبيلة أم شريف يزرعون بضعة أفدنة. وقد رجونى أن أعطيهم شيئا من البارود ليقتلوا به الغزلان التى تأكل محصولهم. ذلك أن الجبل الغربى تقطنه قطعان كبيرة من الغزلان ألفت أن تهبط ليلا إلى ضفاف النهر انتجاعا للكلا الذى ينمو هناك. وكنت أرى رمال الشاطىء كل صباح تغطيها آثار أقدام نحيلة تركها هذا الحيوان الجميل. ولا يجد العرب سبيلا إلى حماية حقولهم منه إلا بنصب أشكال تروّعه ، وكثيرا ما رأيت ضبعا قبيحا صنعوه من قش وركبوه فوق أرجل من خشب. ويسكن الضبع الجبال على الضفتين ، وهو ألد أعداء الغزال. ولم أسمع بوجود وحوش كاسرة غيره فى هذه النواحى. وبعد خمس ساعات وصلنا وادى أمبقول ، وتتبعه جزائر كبيرة فى النهر. ويتصل السهل الرملى العالى الذى تتخلله التلال المنعزلة على هذا الجانب من النهر ، وتكثر المنعطفات فى النيل ، وكنا عادة نختصر الطريق بسلوك الجبل من أقصر دروبه. وسرنا من أمبقول متجهين شرق الشمال الشرقى ، حتى طوينا الوادى بعد ثمانى ساعات ونصف ، ورأيت جبل دوشه يقوم على الضفة الشرقية. وأكثر الطريق يخترق سهلا يغطيه ما يسمى بالحصى المصرى. وتتألف التلال