والآكام على جانبى الطريق طوال ثلاثة أميال من السماق الأحمر. وبعد عشر ساعات وصلنا وادى أتيرى ، ومررنا ببيت من الحجر لملك أم شريف. وقد أغار عرب الشايقية فى العام الماضى على هذا الملك وغيره من الأهالى وسلبوهم ما يملكون ، فغارات الشايقية لا تقتصر على الضفة الشرقية ، وكثيرا ما يعبرون النيل وينهبون الأهالى على البر الغربى. وبعد عشر ساعات ونصف حططنا لقضاء الليل تجاه كوخ لأسرة من عرب القراريش تسكن إحدى الجزائر ، فجاءونا بزبد ولبن ، وأخذوا منا ذرة عوضا عنهما. وجاءتنا فى الليل صبية تسألنا قليلا من الذرة لها ولأمها ، لأن الرجال كانوا يختصون أنفسهم بالخبز دونهما ، فأعطيتها بسخاء لم تحلم به ، وعادت إلينا فى الصباح الباكر تحمل قدرا من اللبن هدية من أمها. ويجدر بى أن أذكر أن دليلى كان من معارف هذه الأسرة ، وإلا لما اطمأنت الفتاة إلى الحضور بمفردها لزيارة أغراب لا تعرفهم. وتنتشر فى هذه الناحية شجيرات شوكية عالية تسمى الواحدة منها سيالة ، وتثمر ثمارا حمراء يأكلها العرب.
١٩ مارس ـ بدأنا السير على درب ضيق يخترق صخورا من الجرانيت المرو والفلسپار ، وكانت وجهتنا الشمال. وعدنا إلى ضفاف النهر بعد ساعة ونصف ، قرب الطرف الشمالى لوادى أتيرى تجاه عقبة البنات على الضفة الشرقية. ولا يجد السائر فى بطن الحجر سوى قليل من النخيل مبعثر على البر الغربى ، بعكس الحال فى البر الشرقى. ويستطيع المسافر أن يجمع التمر من هذا النخيل لأنه بغير صاحب يدعى ملكيته. ثم عبرنا الرمال ثانية من وادى أتيرى ، وبعد ثلاث ساعات بلغنا وادى سمنه ، وبقربه جندل فى النهر ، ترى النيل عنده يقتحم طريقه وسط خانق لا يتجاوز عرضه خمسين خطوة ، كونته صخرتان ماتئتان من الضفتين. ويرى المسافر أطلالا من الآجر على تل قائم فوق الجندل على البر الشرقى ، تقابلها على البر الغربى أطلال شبيهة بها ومعبد قديم شيّد فوق قمة التل. والمعبد مشيد بالحجر الرملى ، ويختلف شكلا عن سائر المعابد المصرية وإن كان هناك بعض الشبه بين تصميمه وتصميم معبد إلفنتين الصغير. ويتألف المعبد من مبنى رئيسى طوله اثنتا عشرة خطوة ، وعرضه لا يزيد على ثلاث. وكانت تقوم