وبعد أن خلقنى شاهدت كل آثار أبو سمبل كدت أهبط السطح الرملى من حيث ارتقيته ، وإذا أنا أعثر ـ بعد أن أوغلت جنوبا لحسن الحظ ـ على أربعة تماثيل ضخمة ، أوقل على ما بقى ظاهرا غير مطمور من هذه التماثيل الهائلة المنحوتة فى الصخر على مائتى ياردة من المعبد. والتماثيل فى فجوة عميقة منقورة فى الجبل ، ولكن مما يؤسف له أشد الأسف أن الرمال التى تسفيها الرياح هنا كأنها السيول الدافقة قد طمرتها أو كادت. ويظهر اليوم فوق الرمال رأس تمثال منها وجزء من صدره وذراعيه ، أما جاره فلا تكاد تتبين منه شيئا لأن الرأس مكسور والجسم تغمره الرمال إلى ما فوق الكتفين. وأما التمثالان الباقيان فلا يبدو منهما غير اللبدتين. ويصعب الحكم على وضع هذه التماثيل ، أهى جالسة أم واقفة ، فظهورها ملتصقة بقطعة ناتئة من الصخر قد تكون جزءا من مقعد وقد تكون مجرد عمود تستند إليه. والتماثيل لا تواجه النهر كتماثيل المعبد التى وصفتها من قبل ، ولكنها تتلفت إلى الشمال صوب أصقاع مصر الخصيبة ، فيكوّن الخط الذى تنتظم فيه زاوية مع مجرى النهر. ورأس التمثال الظاهر فوق الرمال قوى التعبير بادى الفتوة ، وهو أقرب إلى مثل الجمال الإغريقية من أى تمثال مصرى قديم وقع عليه بصرى ، ولو لا لحيته المستطيلة الرقيقة لظنه الناظر رأسا لپالاس (١). ويلبس صاحب التمثال اللبدة العالية التى تسمى عادة بالمكيال ، وفى مقدمتها نتوء رسم عليه مقياس النيل ، وتجد مثل هذا فى لبدتى التمثالين الآخرين. وعلى الذراعين نقوش هيرغليفية حفرت فى الحجر الرملى حفرا عميقا دقيقا. وعرض التمثال فيما بين الكتفين سبع ياردات ، فلا يمكن إذن أن يقل ارتفاعه واقفا عن خمسن وستين قدما إلى سبعين. وطول أذنه ياردة وأربع بوصات. وعلى جدار الصخرة فى وسط التماثيل الأربعة رسم لأوزيريس ، وله رأس صقر يعلوه قرص الشمس. وفى ظنى أنه لو أمكن إزاحة الرمال عن المكان لتكشفت عن معبد كبير حلّى مدخله ـ على الأرجح ـ بهذه التماثيل الضخمة كما حلّى معبد إيزيس المجاور له بالتماثيل الستة. ويحملنى وجود رسم أوزيريس الصقرى الرأس على الظن بأن
__________________
(*) Pallas