ويستطيع المسافر أن يسلك دربا قصيرا فى الجبل من الدر إلى أسوان ، ولكننى آثرت السير مع النهر ، ورأيت الشاطىء لا يزال رمليا جدا. وكان الفلاحون قد حفروا فيه حفرة بحثا عن كنز ، فظهرت تحت الرمال طبقة غرينية خصبة يصل صطحها إلى علو لا ترقى إليه المياه اليوم حتى فى أعلى الفيضانات. وقد أتيح لى أن ألاحظ هذه الظاهرة نفسها فى أماكن أخرى ، مما يدل على إحدى اثنتين : فإما أن قاع النهر ، أو فيضانه ، كان فيما مضى أعلى بكثير منه اليوم فى النوبة ، لأنه من الواضح أن هذه التربة من رواسب النهر. والشاطىء من الريقة إلى الشمال أجرد قاحل. وبعد أربع ساعات مررنا تجاه سنقارى ، وبعد خمس وصلنا قرية صغيرة تسمى المالكى ، وهى تقابل الطرف الشمالى لوادى سنقارى ، وبعد ست ونصف وصلنا أمام الطرف الجنوبى لوادى العرب ، وشاطىء النهر هنا أجرد لا ترى فيه غير نجع صغير. وبلغنا البر تجاه وادى السبوع بعد عشر ساعات ، وهنا تقوم أطلال المعبد الجميل الذى أشرت إليه فى وصف رحلتى جنوبا. وتقوم هذه الأطلال على سفح تلال منخفضة يفصلها عن النهر سهل ضيق. وأمام المعبد بوابة شبيهة ببوابة معبد القرنة بطيبة ، وطولها ثمان وعشرون خطوة ، وبين جناحيها الهرميين باب صغير يؤدى بك إلى فناء بهو الأعمدة الذى طمرت الرمال ثلثيه. وللبهو خمسة أعمدة بغير تيجان فى كل جانب من جانبيه الطويلين. وترى أمام كل عمود تمثالا ضخما ملتصقا به كتماثيل معبد القرنة ، ويبلغ ارتفاعه ست عشرة قدما ويشتبك ذراعاه على صدره ، ويحمل فى يد سوطا وفى الأخرى يحمل صولجانا. وكل
هذه التماثيل مشوه. ولما كانت جدران البوابة وبهو الأعمدة مبنية بالكتل الصغيرة من الحجر الرملى الهش فقد عفا عليها الزمن حتى لا تكاد تتبين شيئا من الرسوم التى كانت تغطيها أصلا. على أنك تستطيع أن تميز على حائط البوابة الخارجى