يحملنى على الظن بأن البنائين من صنع البطالة الذين شادوا المعابد للآلهة المصريين فى بقاع كثيرة من مصر مقلدين فيها المعمار المخصص لعبادتهم. ولم أر على الجدار المذكور أى نقوش هيرغليفية.
ورأيت بالمكان تلالا كبيرة من الأنقاض والشقف. ويدهش كثير من السائحين حين يرون هذه الأكوام الهائلة من الأنقاض التى يكثر فيها الفخار منتشرة فى خرائب المدن المصرية القديمة. وهى فى الحق مثار للدهشة لو أنها عللت بتكدس حطام الأوانى الفخارية التى يستعملها السكان فى بيوتهم ، ولكنى أعزو وجودها لسبب آخر ، ذلك أن بيوت الفلاحين فى صعيد مصر كثيرا ما تبنى أجزاء منها بالقواديس من الفخار يصف بعضها فوق بعض وتملط بالطين ، فجدران الحظائر ونحوها مما لا يحتاج لسقف ثقيل تبنى أجزاؤها العليا عادة بهذه الأوانى الفخارية. كذلك تجد مدماكين أو ثلاثة منها مبنية حول سطح البيت كأنها جدار واطىء يخفى الحريم حين يمشين عليه. وهم يؤثرون الفخار على اللبن لأن الجدران المبنية بالفخار أخف ولأنها أسرع بناء ، وأجمل مظهرا ، زد على ذلك أنه ليس فى الإمكان نقبها ليلا دون أن يحدث تساقط الفخار ضجة توقظ أهل الدار ، على حين يستطيع لصوص الليل أن ينزعوا اللبن واحدة واحدة دون إحداث ضوضاء فإذا فرضنا إذن أن جدران الفخار كانت شائعة عند المصريين القدماء أمكننا أن نعلل وجود هذه التلال الهائلة من الفخار المحطم تعليلا معقولا. أما الحجر فكان فيما ويبد قليل الاستعمال فى بناء المساكن عندهم كما هو شأنه اليوم.
وتبدأ جزيرة ضرار قرب وادى المحرقة ، وعلى ثمانى ساعات وثلاثة أرباع الساعة قرية قورتة ، ويقوم على مائتى ياردة من النهر معبد خرب هو أصغر ما رأيت من المعابد المصرية ، وتستطيع أن تسميه نموذجا مصغرا لمعبد مصرى ، فطوله لا يتجاوز عشر خطوات ، وبدن المعبد قائم وحجرة رئيس الكهنة باقية ، ولكن البهو مدفون تحت الرمل فيما يبدو. ويتبين الناظر بين النقوش أشكالا قليلة لم تبل بعد ، وقرص الشمس المجنح قائم فوق البوابة ، وفيما عدا ذلك فالمعبد فى حالة