وأرجو أن يكون وصل إليّ من ذلك ما لم يصل إلى سواي. وأن أبلغ من عفو الله ورحمته نهاية سؤلي وأقصى مناي. وبالله أستهدي. وإلى فضله وكرمه أستعدي.
وأقول :
اسم حلب عربيّ لا شك فيه (١). وكان لقبا لتل قلعتها (٢). وإنّما عرف بذلك لأن إبراهيم الخليل ـ صلوات الله عليه ـ كان إذا اشتمل من الأرض المقدّسة ؛ ينتهي إلى هذا التلّ فيضع به أثقاله ، ويبث رعاءه إلى نهر الفرات
__________________
(١) حلب مدينة عربية موغلة بالقدم ، قامت على ضفة نهر قويق اليسرى ، وسط منطقة زراعية ، تنتج الحبوب والزيتون ، في موقع استراتيجي هام جدا ، فقد شكلت صلة وصل بين بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين والهضبة الايرانية والبلدان الآسيوية الشرقية ، من جهة الشرق وآسية الصغرى فأوربا الشرقية من جهة الشمال ، وشواطىء البحر المتوسط من جهة الغرب. حافظت على اسمها دونما تبديل ، فقد وردت في نصوص ماري باسم حالاب ، وخلاب وخالايا وحلبا ، وفي النصوص المصرية القديمة خرب ، وفي رسائل تل العمارنة حلب ، وفي نصوص أوغاريت حلب ، وفي النصوص الآرامية الصيغة نفسها ، ووردت في النصوص الحثية باسم خلب وخالاب وحلباس ، وسماها الهلنستيون بيروا ، واستردت اسمها الأصيل بعد الفتح العربي ، وتعاظمت مكانتها فكانت حاضرة الشمال الشامي ، وشغلت دوما أهم الأدوار السياسية والحضارية والاقتصادية ، وتميزت بتل قلعتها وبنشاط سكانها وعبقريتهم وامكاناتهم المتميزة.
(٢) هناك اجتهادات جعلت إبراهيم الخليل من ايبلا ، وهنا يمكن ربطه بتاريخ مدينة حلب ، ولا نقيم وزنا للدعاوى الصهيونية التوراتيه بشأن الانتماء إلى إبراهيم الخليل ، فبنو اسرائيل اندثروا منذ عدة آلاف من السنين ، وماورد بالتوراة من معلومات تاريخية لم تثبته أعمال الكشف الأثري ، والصهاينة الذين جاءوا من أوربا هم من أصل خزري.