وإلى الجبل الأسود (١). وكان مقامه بهذا التلّ يحبس به بعض الرّعاء ؛ ومعهم الاغنام ، والمعز ، والبقر. وكان الضّعفاء إذا سمعوا بمقدمه أتوه من كلّ وجه ، من بلاد الشمال. فيجتمعون مع من اتبعه من الأرض المقدسة ، لينالوا من برّه ؛ فكان يأمر الرّعاء بحلب ما معهم طرفي النّهار. ويأمر ولده وعبيده باتخاذ الطّعام فإذا فرغ له من ذلك أمر بحمله إلى الطرق المختلفة بازاء التلّ ، فيتنادى الضّعفاء : «إنّ إبراهيم حلب» ، فيتبادرون إليه.
فنقلت هذه اللّفظة كما نقل غيرها ، فصارت اسما لتلّ القلعة. ولم يكن في ذلك الوقت مدينة مبنيّة.
قيل : إنّ «بيت لاها» (٢) كان يقيم به أيضا إبراهيم ـ صلّى الله عليه ـ ورعاؤه تختلف إليه. وكان يفعل فيه أيضا ، كما يفعل في تلّ القلعة. لكنّ الاسم غلب على تلّ القلعة دون غيره.
__________________
(١) «جبل دون اللكام من شرقيه ، ويقال إن إبراهيم صلىاللهعليهوسلم كان إذا أقام بحلب يبث رعاءه إليه ليرعوا غنمه فيه ، وفيه أشجار كثيرة غير مثمرة» بغية الطلب لابن العديم ـ تحقيقي ط. دمشق ١٩٨٨ ص ٤٣٨ ، والمراد هنا جبال الأمانوس.
(٢) بهامش الأصل : «وبيت لاها هذا المشار إليه هو جبل اللكام ، ويقال له بيت لاها الغربي وبيت لاها الشرقي هو ليلون ، ويقال لكل منهما الغربي».
وفي بغية الطلب ص ٤٢٠ لدى الحديث عن جبل سمعان قال ابن العديم : «وفي وسط هذا الجبل جبل عال شاهق على الجبال التي حوله ، يقال له بيت لاها ، وهو بيت لاها الشرقي ، لأن جبل اللكام يقال له بيت لاها الغربي ، ومعناه بالسريانية بيت الله ، ويقال إن إبراهيم عليهالسلام لما هاجر إلى الشام ، كان يرعى غنمه من أرض حلب إلى بيت لاها ، ويقال لما حوله من الجبال جبل ليلون ، وقيل فيه لولون».