أنه اختار بناء المدينة في موضع ، وأراد أن يكون بها الماء ، فخرج ودار حولها ، حتى رأى الأعين التي «بحيلان» (١) ؛ فأمر المهندس أن يبني عليهنّ بناء ، ويحكمه ، وأن يجريهنّ إلى المكان الذي هو مرسوم بمنزلة الملك. وجمع الناس للعمل في عمارة المدينة ، فاحتفر في وسط المدينة حفيرة بثقها إلى النهر الذي أجراه ؛ وأمر بالقساطل أن تعمل فاختلّت ، فاتخذت من الحجارة ؛ فتمّ ما أراد وبنى به بناء في موضع الريحانيين يومنا هذا ؛ واتخذ عليه قصرا ، وبنى المدينة. وآخر ما بناه «باب أنطاكية» ورّتب فيها ابنته «أشمونيت» ؛ وسمّى المدينة باسمها وأضاف لها جندا وزوجّها «بإيلياوس» ، أحد أبناء ملوكهم ؛ وكان قائد جيش الأريب ؛ وصار إلى أنطاكية ؛ وليست من بناء اليونان فإنّ رسمّها قديم ؛ فتمم بناءها ، وأضافها إلى إيلياوس زوج أشمونيت (٢).
وملك الأريب تسعا وعشرين سنة. وملك بعده ابنه بطليموس ، ولقب باليونانية : «محب أخته» (٣) ؛ وكانت أخته أشمونيت نائبة عنه ؛ فبقي في
__________________
(١) حيلان : قرية بهضبة حلب ، تبعد عنها ٨ كم نحو الشمال ، تصلها بحلب طريق مزفتة ، وهي تتبع اداريا قرى مركز ومنطقة جبل سمعان. المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري.
(٢) لم يهتم البطالمة باعمار الجزء الجنوبي الذي حكموه من سورية ، وعلى عكسهم كانت الدولة السلوقية ، حيث يبدو أن سلوقس قام بالدور الرئيسي في هذا المجال ، فإليه تنسب المدن الأربع : أنطاكية ، وأفامية ، وسلوقيا ، ولاذقية. مدن بلاد الشام حين كانت ولاية رومانية ـ ط. عمان ١٩٨٧ ص ٣٦ ـ ٤١.
(٣) وقعت حلب في ظل حكم البطالمة وهم : بطليموس الثاني محب أخته (٣٠٨ ـ ٢٤٦ ق. م) وقد جاء بعد بطليموس ، وحافظ على استقلال مصر وخلفه بطليموس الثالث الخير [يورجتيس][٢٤٦ ـ ٢٢١ ق. م] وجاء من بعده بطليموس الرابع [فيلوباتور] المحب لأبيه ، وخلفه بطليموس الخامس [٢٠٣ ـ ١٨٠ ق. م] وجاء بعده بطليموس السادس [فيلومنور]