وفي النسخ المخطوطة : ص ( ٢٩ ) من نسخ كاشف الغطاء برقم ( ١٠٨٢ ) ، وص ( ٢١ ) من نسخته برقم ( ٦٧٩ ) ، وص ( ٢٠ ) من نسخة السيد الحكيم برقم ( ١٨٦٧ ) ، وص ( ٣٠ ) من نسخته برقم ( ١٠٣٧ ) .
والمستفاد من هذه الجملة ابتداء هو أنّ نسخة فرق الشيعة المطبوع إنّما هو فرع لنسخة اُخرى ، وهل المراد بكلمة ( الأصل ) هو النسخة الأصلية المنتسخ عنها ، أو المراد الأصل المختصر منه ؟ لا سبيل للقطع بأحد الأمرين .
لكن هنا قرينة تثبت ما نحن بصدده فإنّا إذا رجعنا إلى نسخة ( المقالات ) للأشعري لم نجد فيها هذه الجملة الزائدة ، فعلى ماذا تدلّ هذه المقارنة ؟
إنّا نعتبرها قرينة داخلية واضحة على أنّ نسخة ( المقالات ) هي الأصل لـ ( فرق الشيعة ) ، ثم إنّ النسب المذكور موجود في المقالات أيضاً لكنّه فيها ينتهي « يعرب بن قحطان » (٨٦) ، لكن في ( فرق الشيعة ) جاء بعده : « قحطان بن زيادة بن اليسع بن الهميسع . . . إلى آخره » .
نقول : إنّ ( قحطان ) هو أصل عرب اليمن ، وإليه تنسب القحطانية ، وفي اسم أبيه قولان :
الأول : ما عليه الجمهور ، من أنّه ( عابر بن شالخ ) .
الثاني : قول البعض : من أنّه ( الهميسع بن سلامان ) .
جاء ذلك في تعليقة على كلمة ( قحطان ) من شجرة أنساب العرب من كتاب السويدي (٨٧) ، ومن ذلك يعلم أنّ ما ورد في ( فرق الشيعة ) من أنّ قحطان بن زيادة غلط قطعاً .
والذي يبدو لي أنّ المذكور بعد كلمة قحطان في فرق الشيعة ، إنّما هو كلمة ( من زيادة ) والمقصود بها : أنّ الزيادة تبدأ من هنا ، ويقابلها كلمة ( إلى زيادة ) في آخر النسب ، وهنا الاستعمال متعارف عند الكتّاب والنسّاخ القدامى ، حيث كانوا يشيرون به إلى مواضع الزيادة ابتداء في النسخ .
وحيث أنّ نسخ ( المقالات ) تنتهي عند كلمة قحطان ، فتكون الزيادة في فرق الشيعة مبتدئة من ما بعدها ، ويكون ( المقالات ) هو الأصل لكتاب ( فرق الشيعة ) ويكون هو ـ طبعاً ـ مختصراً ومأخوذاً منه .
ومن الغريب أنّ الدكتور مشكور ـ الذي اعتنى بطبع كتاب ( المقالات ) ومقابلته بكتاب فرق الشيعة ـ يغفل عن مدلول هذه الجملة ، ولم يتنبّه إلى هذه القرينة .
بينما نجد الاُستاذ إقبال ـ وهو لم يقف على نسخة ( المقالات ) ـ قد تنبّأ من ذي قبل بهذه القرينة ، وعبّر عنها بقوله : « إنّ المطبوعة التي لم يحصل منها ـ لسوء الحظ ـ على نسخة قديمة تبدو لمن يطالعها بدقّة مليئة بالأغلاط والتحريفات ، وكأنّها نسخة ثانية مأخوذة من أصلها » (٨٨) .