نحو برمجة تراثية هادفة بقلم التحرير منذ أمد بعيد ، ومحقّقو التراث في دوامة
من الجهد المضني والبحث الشاق ، عن علاج ناجع وطريقة مثلى ، تمكنهم من انتشال الثروات العلمية الهائلة المدفونة في
زوايا المكتبات ، والتراث الضخم الذي أكل الدهر عليه وشرب ، وتراكم الغبار عليه مما يجعل إخراجه الى عالم النور أمراً شاقاً . فالطرق مملوءة بالاشواك ، والصعاب تعترض
السالكين ، وتعوق سيرهم لتحقيق ما يرومون . ولكن بعضاً منهم ـ سدد الله خطاهم ، وكثر
أمثالهم ـ عنوا برسم الخطوط و وضع النقاط على الحروف ، بتصوير ما أمكنهم تصويره لحفظه من التلف والضياع ، ولاقوا من جراء ذلك متاعب جمة وصعاباً كثيرة ، فتخطوها رويداً رويداً رغم قلة الامكانات المادية ورغم الظروف الخاصة التي يمرون بها . واهتمت ثلّة اخرى من أرباب التحقيق
والتدقيق باعداد بعض هذه النسخ وطباعتها طباعة جيدة . ولكنّ المؤسف حقاً أن بعض المكتبات
العامرة تضع العراقيل في طريق المحقق فتثبط همته العالية ، منها : مطالبته بأثمان باهضة عن الصفحة المصورة الواحدة ، بحجة أنها نسخة عتيقة أو نفيسة ، ناسين أو متجاهلين أن التصوير لن يقلل من قيمة الكتاب الخطي ، إن لم يزدها أضعافاً مضاعفة كما هو الحال في بعض الكتب المحققة . فانّا إذ نتساءل . . . على عاتق من تقع
مسؤولية انتشال هذه المخطوطات من هوّة الضياع والتلف ؟ ! ومن المسؤول عن إنقاذها وإحيائها بالصورة اللائقة بها ؟ !
ولماذا عدم الاعتداد بمثل هذه الاُمور المهمة ؟ ! . . . علماً بأنّ في تركيا وحدها العشرات من
ذوي الخبرة والاختصاص باحياء الأوراق التالفة من الكتب الخطية المندثرة ، لصونها عن التلف . . . ناهيك عن الدول
الاُخرى .كلمة العدد