وأظهروا الخروج لأخذ ثار والده وجده ، وعمره يومئذ ثلاث عشرة سنة ، وكلما سار منزلا ، كثر عليه داعية الفساد ، واجتمع عليه عساكر كثيرة ، وقصد مملكة شروان شاه قاتل أبيه وجده ، وخرج لمقاتلته ، فانهزم عساكر شروان ، وأسر شروان ، وأتوا به إسماعيل ، فأمر أن يوضع في قدر كبير ويطبخونه ويأكلونه ، ففعلوا ذلك.
فحصل (١) له وقعات كلها ينتصر فيها ، واستولى على خزائن (٢) عظيمة ، ولا يمسك شيئا من الخزائن بل يفرقها في الحال ، ثم صار لا يتوجه إلى بلاد إلا أخذها ، ويقتل جميع من فيها ، وينهب أموالهم ، إلى أن ملك تبريز ، وأذربيجان ، وبغداد ، وعراق العجم ، وعراق العرب (٣) ، وخراسان. وكان يدعي الربوبية ، وكان يسجد له عسكره ويأتمرون بأمره ، وقتل خلقا لا يحصون ، بحيث لا يعهد في الإسلام ، ولا في الجاهلية ، ولا في الأمم السابقة من قتل من النفوس مقدار ما قتل شاه إسماعيل هذا ، وقتل عدة من أعاظم العلماء ، بحيث لم يبق أحد من أهل العلم في بلاد العجم ، وأحرق جميع كتبهم ومصاحفهم. وكلما مر بقبور المشايخ نبشها وأحرق عظامها. وإذا قتل أميرا من الأمراء أباح زوجته وأمواله لشخص آخر. وسقط مرة منديل من يده إلى البحر ، وكان على جبل شاهق مشرف على البحر المذكور ، فرمى نفسه خلف المنديل من عسكره فوق ألف نفس ، كلهم تحطموا وتكسروا وغرقوا ، وكانوا يعتقدون فيه
__________________
(١) في النسخة المخرومة ص ٨ : ثم حصل.
(٢) جاء في النسخة ب : جزائر.
(٣) في النسخة المخرومة ص ٩ : وعراق العرب ، وعراق العجم. وكذلك في طبعة الدارة ، ج ٢ ص ٣٠١.