يذهب علي ولكني تأملت أمري وعلمت أني أخطأت خطيئة حملني عليها نزق الشباب وغرّة الحداثة وأني إن هربت منه لم أفته فباعدت البنات والحرم واستسلمت بنفسي وكل ما أملك فإنّا أهل بيت قد أسرع القتل فينا ولي بمن مضى أسوة فإني أثق بأن الرجل إذا قتلني وأخذ مالي شفي غيظه ولم يتجاوز ذلك إلى الحرم ولا له فيهن أرب ولا يوجب جرمي إليه أكثر مما بذلته ، قال : فو الله ما أتقاه عبد الله إلا بدموعه تجري على لحيته ثم قال له : أتعرفني؟ قال لا والله ، قال : أنا عبد الله بن طاهر وقد أمّن الله تعالى روعتك وحقن دمك وصان حرمك وحرس نعمتك وعفا عن ذنبك وما تعجلت إليك وحدي إلا لتأمن مني قبل هجوم الجيش ولئلا يخالط عفوي عنك روعة تلحقك ، فبكى الحصني وقام فقبّل رأسه وضمه عبد الله وأدناه ثم قال له : أما فلا بد من عتاب يا أخي جعلني الله فداك قلت شعرا في قومي أفخر بهم لم أطعن فيه على حسبك ولا ادعيت فضلا عليك وفخرت بقتل رجل هو وإن كان من قومك فهم القوم الذين ثأركم عندهم فكان يسعك السكوت وإن لم تسكت لا تفرق ولا تسرف ، فقال : أيها الأمير! قد عفوت فاجعل العفو الذي لا يخلطه تثريب ، ولا يكدر صفوه تأنيب ، قال : قد فعلت فقم بنا ندخل إلى منزلك حتى نوجب عليك حقا بالضيافة ، فقام مسرورا فأدخلنا فأتى بطعام كان قد أعده فأكلنا وجلسنا نشرب في مستشرف له وأقبل الجيش فأمرني عبد الله أن أتلقاهم فأرحلهم ولا ينزل أحد منهم الا في المنزل وهو على ثلاث فراسخ ثم دعا بدواة فكتب له بتسويغة خراجه ثلاث سنين وقال له : إن نشطت لنا فالحق بنا وإلا فأقم بمكانك ، قال : فأنا أتجهز والحق بالأمير ففعل فلحق بنا بمصر ولم يزل مع عبد الله لا يفارقه حتى رحل الى العراق فودعه وأقام ببلده. انتهى.
ودعبل بن علي الخزاعي الشاعر المشهور وغيرهم.
وطلحة الطلحات الذي رثاه الشاعر بقوله :
رحم الله أعظما دفنوها |
|
بسجستان طلحة الطلحات |
وبنو الخزاعي : عزلة من ناحية برع وقد مرّ.