إن هذا النسيم ما زال يأتي |
|
كلما هبّ من لديك بتحفة |
انت كالروح في المكانة عندي |
|
فهو في كفة وأنت بكفة |
بك يا قرة النواظر حقا |
|
لاح بدر السرور من غير كلفة |
فاهتز من الطرب عطفه ، وأفرط في الرقة حتى كاد يمكنني رشفه ، وبلغ من الحسن مبلغا عظيما يعجزني وصفه ، فلما صحا من تلك النشوة قال : أقسم بالله إنك سلوة وأي سلوة ، وأمرني بالمسير معه ، وبشرني أن الناس في سكون ودعة ، وأن الأحوال فيها بحمد الله متبعة ، كما قال بعضهم : ـ
وذكرني عهدا وما كنت ناسيا |
|
ولكنه تجديد ذكر على ذكر |
فقلت له في الحال : سمعا وطاعة ، ومن ذا الذي لا يستجيب الى البشرى بوقاعة ، ولكن قد عرفت ما ألحق فيه من دخول جبلة ، والمسؤول منك طول المهلة ، وأنا آتيك على حين غفلة ، وما هذا بخلا بالحياة فإن السماحة بها في رضاك سهلة ، فلم نشعر إلا وقد وصل الراعي إلينا وأملى بقية الأبيات الذي له علينا فقال :
قالوا غدا تأتي ديار الحما |
|
وينزل الركب بمغناهم |
وكل من كان محبا لهم |
|
أصبح مسرورا بلقياهم |
قلت فلي ذنب فما حيلتي؟ |
|
بأي عذر أتلقّاهم |
قالوا أليس العفو من شأنهم |
|
لا سيما عمّن تولاهم |
فتفاءلت بهذا الفأل السعيد ، وكان هذا البيت عندي بيت القصيد ، وتلوت عند سماعه : وهدوا الى الطيب من القول وهدوا الى صراط الحميد ، وعلمت أنه من حسن الخاتمة ، ورأيت به ثغور السعادة باسمة ، وبشّرت نفسي بكل الأمنية ، ودخلت معه الى غرف من فوقها غرف مبنية ، تشبيها بجنة الحسن ، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ، فإن لم أكن قد دخلت الجنة قد دخلت أختها ، وأقسم بسلفه الصالح لقد اعتقدت أني في سدرة المنتهى.
أماني من ليلى حسان كأنما |
|
سقتني بها ليلى على ظمأ بردا |
مني إن يكن حقا تكن أحسن المنى |
|
وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا |