الخطأ أن يقول هوبكنز : «إنّ أوّل كاتب وصلنا اسمه في بلاد البربر هو هذا عبد الملك المذكور آنفا ككاتب لإدريس الثاني» (١).
وورد في طبقات أبي العرب أنه عرض على أبي زكريا يحيى بن سليمان الخرّاز الحفري (ت ٢٣٧) أن يتولّى إدارة" ديوان إفريقية" (٢) ـ والمقصود ديوان الخراج ـ لمعرفته بالحساب وعلم الفرائض ـ ولا ندري بالضبط هل قبل أم رفض لأنه صار فيما بعد من رجال الدّين المرموقين.
وهو عربي كما يتبيّن جليا من اسمه ، بل إن الكاتب الأوّل خالد بن ربيعة يقول عنه حسن حسني عبد الوهاب إنّه عربي وحتّى من الأشراف (الأعيان في هذه الفترة). وصحيح أنّ نسبة" إفريقي" في كتب المشارقة قد تنطبق على العرب المستقرّين بإفريقية. هذا ممكن تماما كما أنه ممكن أن يكون من الأفارق ، من" سراة الموالي" ، كما يقول ابن حبيب في المعبّر أي أولئك الذين لهم شرف في المجتمع وهم من الموالي.
ولقد كانت لخالد بن ربيعة علاقة بعبد الحميد بن يحيى المشهور بالكاتب ، وكلّفه عبد الرحمان بن حبيب بتحرير رسالة المبايعة لمروان بن محمد (٣) ، والأرجح أنه كلّف بحملها إلى دمشق حيث التقى صديقه عبد الحميد. أمّا الحفري ، فوضعيته غير واضحة ، ومن الممكن أنه اشتغل مع الأغالبة لأنّ تاريخ ميلاده يبعث على الرّيبة ، ومن الأقرب أيضا وخلافا لما قلنا أن يكون مولى كما قد توحي بذلك مهنته كخرّاز. وعلى كلّ ، حصل تعاون وتداول بين العرب والموالي المعرّبين على خدمة الإدارة ، وقد جذبوا إليها متى كانت لهم ثقافة الكاتب طوال القرن الثاني ليكونوا سندا للتعريب ومرتكزا لتعقّد الإدارة بمرور الزمن.
وما يتضافر ويتماشى مع تعريب الموظّفين الكتبة هو تعريب العمل
__________________
(١) هوبكنز ، م. س ، ص ١١.
(٢) أبو العرب ، طبقات ، ص ٩٠.
(٣) البلاذري ، فتوح البلدان ، ص ٢٣٣ ؛ ح. ح. عبد الوهاب ، ورقات ، م. س ، ص ١٥٢ ـ ١٥٣.