الساسانيين ؛ وبالتالي هنا يجب فحص الإرث البيزنطي اعتمادا على علم النقوش والنقود ، علما بأنّ تغييرات مهمّة حصلت في الفترة الإسلامية. ونلحظ أخيرا في هذا الجدول أنّ شبكة الكور متراصّة وأنّ السّلطة العربية منغرسة رامية بعروقها على التّراب الإفريقي ، الشرقي منه بالخصوص ، إذ لا نعلم إلّا القليل عن وضع المغرب الأقصى. ونلحظ كذلك شبه تطابق بين المناطق العسكرية (انظر الجدول) والمناطق المدنية.
التّنظيم القضائي
لقد سبق أن عالج هوبكنزHopkins بعض جوانب التّنظيم القضائي في إفريقية في عهد الولاة (١). وسنكمل هذا التحليل مع زيادة بعض التدقيقات.
منذ أكثر من قرن عاش الاستشراق فيما يخصّ دراسة القضاء الإسلامي الأوّلي على جملة من الأفكار غير مدعومة بكفاية وإن كانت على الأرجح قريبة من الواقع ، وهذا من غولدتسيهر (٢) إلى" شاخت" (٣). وهذه الآراء متناقضة تماما مع نظرة التقليد الإسلامي إلى القضاء في العهد الأموي والعبّاسي الأوّل. ولهذا التّناقض أسباب منها أنّ المسلمين كانوا يعتبرون أنّ القضاة إنّما يقضون حسب القرآن والسنة ، والمستشرقون ، خاصّة شاخت ، يرون أن لا وجود للسنّة والحديث في القرن الأوّل الهجري وبالتالي فإنّ القضاة في أحكامهم كانوا يجتهدون حسب متطلّبات المجتمع والدولة وكانوا إنّما موظّفين مفوّضين للقضاء وتابعين للخليفة والولاة (٤) ، فهم إداريون قبل كلّ حساب.
__________________
(١) هوبكنز ، م. س ، ص ١١٢ ـ ١٢٧.
(٢) J. Goldziher, Muhammedanische Studien, Halle, ٠٩٨١, II, pp. ٩٣ ـ ٠٤; E. Tyan, Histoire de l\'organisation judiciaire ـ ـ ـ , op. cit, II, pp. ٣ ـ ٩١.
(٣) J. Schacht, The origins of Muhammadan Jurisprudence, Oxford, ١٥٩١; Id., An Introduction to Islamic Law, Oxford, ٤٦٩١, pp. ٣٢ ـ ٧٢, ٩٤ ـ ٦٥.
(٤) J.Schacht ,An Introduction ـ ـ ـ ,op.cit.,p.٤٢ ـ ٥٢.